دار الأسرة البحرية السودانية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

(بعض من أجمل ما سمعت)

+17
الاء
ود فـــــراج
Mohamed Kamal Ali Khalil
محمد محمد صالح محمد
الرشيد شمس الدين عبدالله
مبارك عمر عصملى (كركب)
راشد
Admin
AHMED TAHA ALJAMAL
عبد الرحمن الزين2
Mohamed A.Elhfiz A.Elhlim
احمد محمد احمد
خالد عبدالحميد
عاطف عكود
ود كرار
محمد الجمل
عبدالرحمن محجوب يوسف
21 مشترك

صفحة 8 من اصل 10 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عاطف عكود الأحد 01 يوليو 2012, 18:39

الاء كتب:
الاخوة الاعزاء المتداخلون ومرحب بيك ود عكود " اهل مكة " وصاحب البوست .

. محجوب شريف زول سودانى بمعنى الكلمة تمتاز اشعاره بالبساطة وهذا سر الروعة

بت اختي
بعض اجمل ما سمعت Very Happy
http://www.albrkal.com/upload/uploads/egdalglad-bhktee.mp3
اهل مكة دى جانى الشعور بتاع كفار قريش ،،،،،،،،، تسلمى اختنا آلاء وبالمناسبة سر الروعة فى البساطة وكمان فى السهل الممتنع ( سهل شديد وممتنع جداً ) ويا للروعة تانى ، شفاك الله يامحجوب وعلى قول استاذ أخونا عبدالرحمن محجوب يا الله،،،،،،،،، ودام التواصل،،،،،،،،،،،. عاطف عكود
عاطف عكود
عاطف عكود


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عاطف عكود الثلاثاء 03 يوليو 2012, 01:14

الشاعر الشاب الرائع خليفه عثمان خليفه فى رثاء حميد
.....................................

فى الجنه رب العالمين يديكا .. يا ...
وطن المداين الفاضـــــــــــــله
سكانو انبياء
ومامت يا الموتك حياه
لقمت عمرك للوطن
وآخر شئ لقمتو الحياه
أديته روحك للسحاب
يسقى الأراضى الميته
من قل المياه
وجسدك صبح جوزين حمام
يا تركة الصالحين والأولياء
.......................................
يا حسرة يا أحزان مدد
حميد عضم ضهر البلد
يا كلنا ويا أى زول يا زول بلد

والله يوم فقدك تقول
من أى بيت مفقود .. ولد
بيوضة الأحزان وراك
برسيمه فى جوفنا إتفرض
ضو الفريق ... البقضى للناس الغرض
البفتش للعلاج .. قبال نئن من المرض
ويوم بوشنا قبال ما نهوش
نلقاهو أول زول عرض
يا كبير ال الله ما اداهم كبير
أبو اليتامى وأبو البلد
قابض على جمر الوطن
أحد ... أحد
ما حدت عن هذا الطريق
لمن قبض ودّ اللحد
............................................
بسم الذين تحبهم
والفيكا مكتولين كمد
صابرين وأبدا ماب نقول
حميد رقد

منو العوض وليهو العوض
حميد رقد
ونضرب يدينا على بعض
حميد رقد
ما الخير بيمكث فى الأرض
ويطفح على السطح الزبد
لو غيّب الموت الجسد
جوانا عايش للأبد
...........................
يا امبراطور يارئيس كل الغلابه ويا زعيم
سوينا من إسمك حرز
لى عازتك من كل شيطان رجيم
مطموره المنى والامانى
يا خشم باب النسيم
نلقاكا وين نقعد معاك فوق عنقريب
تحت الضــــليل الرامى نيم
ورحــــــلت ودعت المنافى
رقـــــدت عــــافى
بين حنايا الارض والوطن الرحيم

وخليت أثر دربك ضياك
ذى الصراط المستقيم
وكل الرجال عبد الرحيم
كل الحريم السرة بت عوض الكريم
فاليبقى سفرك يا صميم
الرجعة للبيت القديم
خبرك تصيحبو الهبوب
ريح الشمال ريح الجنوب
وين الله ما رفع ـ القدم
حين ترفع الفاتحه القلوب
يملأ الدمع حتى الجيوب
رب العباد مولانا
أرحم من رحم
بنات نعش نجم الثريا
إتحت فى صيوان عزاك
ذى البرم
القرشى والماظ الهمام
واى فارس
عنوة فى التاريخ بصم

الكل حضور للهدهد الجاب النبأ
و لى حمامات ... الحرم
ترهاقا حالف باليمين
قدر مقامك يا علم
ليك يبنى فى نورى الجريف
ريقان طرابيل جم ... جم
شاويش معاهو المك صبير
لا حسرة فوقن .... لا ندم
ومهيره واقفى تعزى فيك
دوباى غناويك حافظه صم
كانت تنهّر فى حريم
كوم الرماد خمنّو .. خم
وكرجت سنونه على رجال
لطمو الخدود
والدمعه دم
ونقرت بشيشى على شتم
ويديها مليانات ... ختم
والموج يصفق والنخيل
بى عزه ماد ليك وإنقسم

حميدنا يا الحجر الأصم
غناك حاحايه ... الصقور
ما ركا .. فوق حيطك .. رخم
يا عشا الضيفان
و رواب العشـــــــم
البركل الشامخ يشابى
القومه ليك يا محترم
فكيت كتير ريقة الوطن
ودرت كم قرمه وخرم
يا حبلنا السرى الببخ
فى الجوف .......... نغم
حب الأرض عشق الأرض
يشفى يداوى من أى هم
................................................
يا حبنا ... ويا طبنا
يا دوح قلوبنا وبلسما
زرقاء يمامتنا التعاين
من بعيد حين أصاب
شوقنا ...... العمى

جبار خواطرنا ومشاعرنا
المجرحه .. ديمه
إياك برها
ياتو بحرا عرقو ... حامى
جزيرتو ما جيت حازمه
تربال زرعت قلوبنا حب
شتلك قبض والضل رمى
حميدنا يا حميدنا سى
وريتنا معنى الإنتمى
يغسلك الله من اى سئ
يا البيك قلوبنا متيمه
وطنا يكون ما زيو ذي
فى سبيلو روحك سايمه
يعرض صبيهو مع النقى
بدل الكلاش والراجمه
الضبعة سارحه مع الجدى
يرون صحارى بعد ظما
فرخ ا لقمارى مع الحدى
وفيض الأمانى الحالمه

العبره شقت عازة طق
أطرح وشيكا وناغمه
الابيض الازرق دموع
حرقت خدود العاصمة
يا غفيرا وكت تنوم
من أى هم ما ينهما
ما همت غير بى ها الوطن
حبك يفوق أرضو وسما
ورحلت قبال الأوان
يا دوبو عرق الحب نما
وقفت على طولا الارض
وأداكا تعظيم السما
وحبك صبح للناس فرض
والنيل فى حضنك ارتمى
................................
يا العشتا بينا ونحن فى
وما كنا فى
يوم قلت حى على الكفاح
شلال دماكا على الارض
باكر يفرهد ونحنا فى
ولسع نصاح
وافكارك أنت بلد .. بلد
مختوته فوق كتف الرياح
تجى طالع انت مع البذور
كون من سماح
توزن كمنجات الطيور
تعزفك غناك بى إرتياح
تفوح أريحيتك زهور
مودة ريد وحنان وحب
يشفى الجراح
وتظل حضور عزّ الغياب
شمسا تطل
فى كل صباح
إراده لى كل الشعوب
تهب متل
ريح الصلاح
ويهدل حمامك فى أمان
والكل يقول
... أرضا ســــــــلاح ... أرضا ســــلاح

........................................
ولك الف رحمة ومغفرة من رب رحيم وغفور يا حميد
عاطف عكود
عاطف عكود
عاطف عكود


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف ود كرار الثلاثاء 03 يوليو 2012, 04:50

ود برضو من روائع الشاعر العلم محجوب شريف....

لا إنتو جند الله
ولا جند الوطن
بل إنتو حقاً جندهم
وبعض من ما عندهم
سندة قفاهم وغمدهم
لكنهم هم
ما ح تسكن حيّهم
ولا ح تاكل زيهم
ولا ح تلبس إنت زي
زي زيهم
واذا عطشت،
بعيد بعيد،
ما تقترب من ريهم
هل شفتهم
ملأوا الشوارع
في الصباح،
عند الظهيرة مغبرين
طالعين من الوردية
والليل انتصف؟
باين على وجوهم تعب؟
وزمن صعب؟
القفة
والدكان
ودخان الفرن
ومرتبات حال الثبات
لا تحل وظيفة ولا نبات
هل شفتهم بين كر وفر
والدنيا حر
بين صف وصف
واحد وقف
هل شفت يوما هؤلاء؟
هل تذكرهم؟
زاروكا يوم أو زرتهم
بس إلاّ في شارع ظلط
ومظللاتهم مسرعة
كلا ولن ولا بالغلط
ما شفتهم
على إيه إذن
لي مين إذن
وانت بتشوف
غرقانة كم
في الدم
مفاتيح الخزن
هم دربوك على الأذى
تقتل تدوس
تحرق
ولا يهمك
كذا ولا كذا ولا كذا
كم فر طاغية من بلد
ما خلا غير كلب الحراسة
يئن وحيداً في القفص
متلك مصيرو
العزلة والخوف والجزع
إن متَ حتى ولا عزا
حكّم ضميرك يا ولد
أمشي استحمى واعتذر
واغسل يديك
من كل ما يخليك
أمام روحك قذر
ألبس عراريق الحياة اليوماتي
واقدل في الدرب
لا يدسو منك لو غشيت
ولا إنت أقرب زول إليك
منك حذر
أو فانتظر
أو فانتظر

__________________د[u]
ود كرار
ود كرار


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عبدالرحمن محجوب يوسف الجمعة 06 يوليو 2012, 04:01

الاعزاء جميعا
رائع جدا ود عكود الا رحم الله حميدالمبدع المجيد بضم الميم وخروجا من الحزن ارسل لكم النرجسه للرائع حاتم حسن الدابي
نــــــــــرجـســــــــــــــــه


كلمات والحان : حاتم حسـن الدابي
غنـــاء : خالد عثمان النجيـب

ذكريات أيامنا القبيل في النفوس ساكن هاجسه
الجميل السمح الطباع منها اتجاهلنا ونسى‏
خمسة يوم متعت العيون في السماحه المتجانسه
صدفة ما صدقت الظروف بيها تجمعني واجالسا
هادية في طبعها ما حصل مره قابلتها عابسة
أما إن بسمت يا لطيف كل خلق الله تجرسا
دي للشباب كانت مغنطيس كلو جنب الباب حارسا
دي هزت الحله شمال يمين بي عبيدابا ودونقسه
أنا امتطيت صهوات القصيد قلت أنا الكلمات فارسا
وما قدرت أوصف سماحه إنتي كملتي مدارسا
القوام لادن ومستقيم ليهو عافة الله بقت كسى
وماها لابسيِ تياب للسماح والسماح ياهو اللابسا
الوجيه زي ضي الصباح بي ورا الظلمات دامسا
لا الظلام يطغي علي الصباح لا الصباح يخترق المسا
العيون زي جدي الغزال واسعيِ تتحدى مؤانسا
والرموش الفوق فاترات للتحت دايري تلامسا
شوقن انو يقالدن بعض والوصال بيناتن قسى
وما بيطيب القلب ان وقع بين رموش عينين ناعسه
الكلام بس زي العنب من ورا بعدو مدسدسا
دي الخدود شبعانات نضار فتحت يادوب نرجســا
خطوه خطوه مشيها التقيل ترفع اقداما تحنسا
وفاطره التالا القبله شال جل سبحانو مهندسا
بالله يا مرسال ان مشيت بالعليّ قولها حدثا
وما تخاطر خليك حريص ما تلم فيك مباحثا
قولها ان فتشنا الشمال ليكي ما بنلقى منافسة
حتى تاجوج لو شافتك ليكي أعلاما تنكسا
عبدالرحمن محجوب يوسف
عبدالرحمن محجوب يوسف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عاطف عكود الجمعة 06 يوليو 2012, 05:10

عبدالرحمن محجوب يوسف كتب:

والرموش الفوق فاترات للتحت دايري تلامسا
شوقن انو يقالدن بعض والوصال بيناتن قسى


والله المبدع ودالدابي نجض رموش النرجسه نجااااااااض .
تسلم حبيبنا عبدالرحمن ودام التواصل
عاطف عكود
عاطف عكود
عاطف عكود


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف خالد عبدالحميد الجمعة 06 يوليو 2012, 10:03

عبدالرحمن محجوب يوسف كتب:

نــــــــــرجـســــــــــــــــه


كلمات والحان : حاتم حسـن الدابي
غنـــاء : خالد عثمان النجيـب

عبــرحمن الفنان
الكلام ده سنة كام؟؟؟
لانو زولك المكسّر ده كاد ان ينتمى(حلوة دى) لى نؤوم الضحى وبعيدة مهوى القرط
لى ملحوظة أد كده--اسم نرجسة ده --شويتين كده برة الشبكة لشخص بهكذا مواصفات
خطوه خطوه مشيها التقيل ترفع اقداما تحنسا
مجرد شخبطات اخر الليل
شكرا على اضافة بعض فرح
خالد عبدالحميد
خالد عبدالحميد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عبدالرحمن محجوب يوسف الجمعة 06 يوليو 2012, 17:10

العزيز خلدي ود الدابي ما كبير تقريبا اواخر الاربعينيات كده والنرجسه دي لعلها في التمانينات وهو طبعا بعد ما غير لونية شعره الي السياسي والاجتماعي من امثال الرواسي ومرام ولسان الحال والكاتمه في جواي كتير ترك هذه النوعيه من امثال النرجسه ومحمد نصيبك ابا قسمته شاله غيرك والاله كتبه وغيرهما الكثير ولكن دائما وابدا هو تمرد المبدعين
عبدالرحمن محجوب يوسف
عبدالرحمن محجوب يوسف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty 1713

مُساهمة من طرف عاطف عكود السبت 07 يوليو 2012, 05:00

عبدالرحمن محجوب يوسف كتب:الاعزاء جميعا
رائع جدا ود عكود الا رحم الله حميدالمبدع المجيد بضم الميم وخروجا من الحزن ارسل لكم النرجسه للرائع حاتم حسن الدابي
نــــــــــرجـســــــــــــــــه

وخروجا من الحزن على قولك اخونا عبدالرحمن هاكم رائعة الرائعة بت ابنعوف حفظها الله , قصيدة مختلفه مش بس حروفها حتى فى الكتاحة وغبار العيون والصدقة الدخل النفاق فوقها وشرقة بلدنا فوق النيل اما الارقام دا كلام تانى والله (ونشوف ود الاستاذ و شن القول فى 1713 دى؟)

1713

خلاص منك نتقت عقابى لميتو
معاك كان بالعطش بيهاتى
ماختيتو فوق إيديك
ولا فد مره لوليتو
ولا علمتو كيف بيجيك
إذا ودّر وكِت جيتو
يكون وكت النهار راجيهو
فوق إيديهو متلفح سموم
أرض البلد مجبور
تعاين فى البلد تضحك
تشع منك بسيمة النور
تلاقى الصدقه ممحوقه
دا ماهو عشان هى كانت ناقصه
بس دخل النفاق فوقا
هو نضحك كيف ونحن بلدنا
جوّه النيل ومشروقه...؟؟
وياتو زمن نقيف نرجاهو
فى كل عام نقول بلقانا لا قِدام
ولا لاقانا زمناً زين
ولا قدمنا زاتو هو جاى

ولا لهفة سنينى معاك
بتشتل ليك أمل جواى
زمان كان الأمل مشتول
وحاة عينيك سقيتو براى
وهسى براى....!!!!!
بقلع في جذورومعاك
واحتحت منى باقى هواك
واقطر في دموعي وراك
وما همّاك...!!!
لأنك ما عرفت هواى
ولا قدّرت فيهو شقاى
شيل أسفك معاك وارحل
حرام يدخل على دنياى
مقصقص شوقى يتململ
بعد لملمت باقى أساى
تكلت هواك على بلداً
تقاسم في همومى معاى
وتتوسّد صبر باكر
مع الروح البتمرق كل يوم
تبراك تصد مفجوعة الخاطر
تناتق فى الغياب الجاك
وتتأسف على الحاضر
تنادى على بي آخر نفس بهواك
أقولك ياخى ماداير
وجع يرجاني تانى معاك
كفايه علي وجع وطناً
مكتّف دمعو جوّه حشاهو
ينزف نيل
ومن عرقو البهاتي معاهو
ينزف نيل
يقيف لا حيلو يتأمل
وكت يتقالدو النيلين
وتشرب فيهو يوماتي
ونزيف بلدك هو لا بيقيف
ولا عطشك بيروى النيل
وأفتش ليك
معا إنى الزمان ودرت فيك
لون الدروب الفيها فاتتنا
البلاد الروحت
قبلنا بارين الأتر
كل المسافات إتمحت
عاينّا بي باقى اليقين
لامن غبار عينينا فيهو إتكتحت
واقف هناك شايفك فترت من الندا
وانا أصلى حالف ما أجيك
لو ما مرق منك براك
الف وسبعميه وتلطاشر ندا..!
قدر الجروح الفيني منك
كل يوم بتجدِّدا
وانا كنت راجيك من قبيل
كانت تروح دنياى في روحك فِدا
لكني هسى وحاة عِنيك
الفي جرابى خلاص فِضا
وممكن تفوت..!!!
أصلو الفضل من عمري
ماواقف عليك..
الكان زمان واقف عليك
وقّفت بينو المستحيل
عودتو إنت على الغياب
علمتو أشكال الرحيل
وديتو يشرب في السراب
رويان هو بالصبر الجميل
قنعان وما بارى السحاب
الكان عليهو الشيل تقيل
في بلدى ماصبّت مطر
غسلت نهارات النزيف
من قمنا ما صبّت مطر
تاريخنا بيها صبح نضيف
كملت مواعين الأحاجى
الأصلى داير أحكيها ليك
حتحتّ حِس صوتى بيناجى
يقولّى ياخى حرام عليك
تاكينى وارجع بالدرب
يمكن يصادفنى وأجيك
لكنى من حر الشمس
مافينى روح اتضارى فيك
روِّح خلاص دربك طويل
أنا أصلى راجع من هنا
بغريك مع الشكر الجزيل
مليون سلام...!
وإنشاالله ما يلقاك عنا...!

منقول
ودام التواصل
عاطف عكود
عاطف عكود
عاطف عكود


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عبدالرحمن محجوب يوسف السبت 07 يوليو 2012, 18:34

اول بيت عجيب ما قالت شلت عقابي او لميت عقابي ولكن قالت نتقت وعجيب ايضا كملت مواعين الاحاجي ...... ابداع بت ابنعوف
اعجبني اليوم البطاقه التعريفيه للمبدع هاشم صديق
اسمي هاشم وامي امنه وابوي ميت كان خدرجي ومره قهوة في ركن الوزاره وبيت من الجالوص مكسر نشقي نحنا عشان حيطو تلقاليها زباله..... ودام التواصل
عبدالرحمن محجوب يوسف
عبدالرحمن محجوب يوسف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف خالد عبدالحميد الأحد 08 يوليو 2012, 23:56

1 صاح كبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير جدا
نعود بمهل،
خالد عبدالحميد
خالد عبدالحميد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف الرشيد شمس الدين عبدالله الإثنين 09 يوليو 2012, 13:56

وبمناسبة حكومة التقشف الرشيقة التى أعلن عنها أمس فى أعقاب زيادة المحروقات ( قلوب الناس ) , هذا بابكر سلك مرة أخرى فى شماراته اليومية لوالى الخرتوم ...

_____________________________



* اها

* نجي لشمارات والي الخرتوم

* سمعنا يا والينا قالوا تشكيلة الحكومه الجديده تتكون من حوالي تلاتين وزير

* تلاتين بس يا والينا !

* ماشويه علينا !!!!!

* لكن تلاتين يا والينا

* عدد يتناسب مع سياسات التغشف الاخيره وزيادة اسعار المحروقات

* طالما ما الحكومه شايفه العدد ده مناسب يبقي مناسب

* ونحنا حا نعرف اكتر من الحكومه ؟؟؟

* لكن لينا سؤال يا والينا

* تشكيلة الحكومه الفيها تلاتين وزير دي

* فيها محترفين ومجنسين ووطنيين ؟؟؟؟

* وبلعبوا كلهم سوا ولا فيهم احتياطي يا والينا ؟؟؟

* لانو عندنا في الكوره الكشف مابلعب كلو

* اطناشر بره اللعب

* وطمنطاشر في كشف المباراه

* بلعبوا منهم حداشر

* اذا طلع واحد بدخل غيرو

* لكن نحنا ماعارفين انتوا في السياسه بتلعبوا كم

* مابنفهم في السياسه

* عندنا في الكوره اللاعب الاحتياطي بياخد نص حافز

* بقوموا اللاعبين بخدموا اخوانهم الفي الاحتياطي

* لما الكوره يفضل ليها خمسه دقائق

* اللاعب يعمل روحو معوق عشان زميلو يدخل ويشيل عداد كامل

* الحته دي افكروا ليها يا والينا

* ضروريه مع سياسة التغشف دي

* الوزراء ديل ما يدقسوكم ويشيلوا حافز اللعب كلو ويقعدونا ساي

* وركزوا في التشكيله علي الوطنيين

* المجنسين ديل ما بجي منهم

* والغريبه المحترفين


سلك كهربا

ننساك كيف والوزراء كشفهم اكبر من كشف فريق الكوره !!!!!!!!
الرشيد شمس الدين عبدالله
الرشيد شمس الدين عبدالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف الرشيد شمس الدين عبدالله الإثنين 09 يوليو 2012, 18:28

فى هذه الأيام المعطّرة بعبق أكتوبر وأبريل تذكرت كلمات شاعر الشعب محجوب شريف شفاه الله وردّ غربته لوطنه سالما معافى .... فإلى محجوب وهو يخاطب شعبه :-

حا نغني ليك ونغني ليك
واليزدريك..
يا ويلو من غضبك عليهو..
ومن مشيك
يا ويلو من أجَلُو الوشيك
يوم ينكسر قيد الحديد
السونكى..
والزنزانه
والسجن السميك ....
الرشيد شمس الدين عبدالله
الرشيد شمس الدين عبدالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عبدالرحمن محجوب يوسف الإثنين 09 يوليو 2012, 20:50

محجوب شريف الرائع نسال الله ان يعجل له الشفاء ولو في معلومه السفاره الالمانيه وافقت ليهوا بالتمديد ولا لا؟
والوطن العزيز ليهو الله
عبدالرحمن محجوب يوسف
عبدالرحمن محجوب يوسف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف الرشيد شمس الدين عبدالله الثلاثاء 10 يوليو 2012, 14:28

وهذه آخر قصائد محجوب شريف من مشفاه فى ألمانيا ..... لافضّ فوك أيّها الرائع .....

_____________________________________________________

محجوب شريف لزينب بدر الدين: أولادنا هم أكبادنا تمشي علي الجراح
July 9, 2012

قصيدة جديدة من الشاعر (محجوب شريف) الى قلب الأم الباسله (زينب بدر الدين)… وإلى شعاع شمسها (محمد صلاح) ..والي كافة البنين والبنات من كل منبر وإتجاه ..
سمعتَ نِداكِ ……
باب القلْبِ دقَّ …….
وقت فتحتو ……. …….
دخل محمد ……
ثم غمَّد واستراح …….
لابس قميص نص كم مشجر بالهتاف
شفت فيو بدر الثبات الضاوي
طالع بدري من فلق الصباح
وشفت فيك إنسانه أم
وحمامه مشرعة الجوانح والجناح
رغم الهواجس والرياح ……
أولادنا هم أكبادنا تمشي
علي الجراح تِلوَ الجراح
أيضا علي جمر النجاح
الهمه طلبه وطالبات
وشباب شباب
مادين سواعدهم الفتيه سكك حديد
وضفاف ضفاف
ونشيد كفاح
لا السنكي… لا السكين
ولا البنبان وقعقعة السلاح
الفجرِ بان يا ديدبان
باب الحديد لو ألف باب
أنظر قفاك.. تلقاه لاح
والشْمسِ من خلف السحاب
تفتح شبابيك البراح
الشعب نِعم الوالدين
الدْين إذن ردوهُ… صاح
فالتشرئبْ… يا من نحبْ
يا أيها الشعب الذي
علمنا ننهض تِتْرِب
ونقوم كمان قُومة…. نَصَاح
*********

محجوب شريف
يوليو 2012 - ألمانيا

الرشيد شمس الدين عبدالله
الرشيد شمس الدين عبدالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عبدالرحمن محجوب يوسف الثلاثاء 10 يوليو 2012, 15:52

تكتب بماء الذهب ولا يكفي
العافيه لك الاستاذ محجوب وانت علم من اعلام بلادي
ردك الله سالما معافي وافرح قلوب محبيك
عبدالرحمن محجوب يوسف
عبدالرحمن محجوب يوسف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عاطف عكود الثلاثاء 10 يوليو 2012, 16:16

الرشيد شمس الدين عبدالله كتب:
وهذه آخر قصائد محجوب شريف من مشفاه فى ألمانيا ..... لافضّ فوك أيّها الرائع .....
___________________________________________________
محجوب شريف لزينب بدر الدين: أولادنا هم أكبادنا تمشي علي الجراح
July 9, 2012
محجوب شريف
يوليو 2012 - ألمانيا

رشدى DHL ابوسريع وكده
تسلم ودام التواصل
عاطف عكود
عاطف عكود
عاطف عكود


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف عبدالرحمن محجوب يوسف الثلاثاء 10 يوليو 2012, 16:34

من الشعراء الذين لا تملك الا ان تحبهم وتحترمهم شيخ العاشقين الراحل المقيم عبدالله محمد خير فقد كنت انوي ان اجمع بعضا من اشعاره ومناسباتها في هذا البوست ولكن لم اوفق ولكن وجدت هذه المشاركه فاحببت ان انقلها دون تعديل ونرجو المسامحه علي الاطاله ولعلها تكون من اخر المشاركات فقد ازف الرحيل
محاولةً للإجابة على السؤال المطروح من صحيفة ليبراسيون الفرنسية على نخبة من الكُتَّاب العالميين مفاده "لماذا نكتب؟"والذي ورد بسفر أستاذي (مجازاً) وزميلي بروفيسور أحمد أبوشوك عن شيخ العاشقين الراحل المقيم أستاذنا عبد الله محمد خير (رحمه الله) ، أحاول المشاركة في الرد بصورة قاصرةٍٍ في شكل سؤال هو: لماذا لا يكتب أمثال هؤلاء شعراءً ، مثل شاعرنا الراحل ، وأدباءً مثل أستاذنا أبوشوك ، طالما أن الشعر من نفس الرحمن مقتبس والشاعر الفذ بين الناس رحمن.
من منا يأبى أن يتنشق العطر والأنفاس الجميلة؟ وأجمِلْ بها من أنفاس طالما الرحمن مصدرها!
فلابد لأمثال عبد الله (رحمه الله) من الكتابة حتى يتميز عنا بأنه رحمن وحتى لا يدخل في زمرة وعداد "قد خاب من دساها" ، أي هذه الموهبة والعبقرية الشعرية ، وهما أمران لا يمكن اكتسابهما بالعلم والمعرفة وإن طغى أهل اللغة الفصيحة وتجبروا متوهمين احتكارهم لتبيان المشاعر طالما أنهم أهل اللغة الفصحى والفصيحة ، محاولين حرمان وتغييب أهل اللغة العامية من امتلاكهم لأنفاس الرحمن ، وذلك حسبما أشار إليه الأستاذ عبد الله (رحمه الله) في مقدمته في مجموعة "كلام في الحب والوطن" وهو ما طرحه بروفيسور على المك في مقدمته لمجموعة "أنا المعجب" : " ويظلمون الشعر العامي أولئك الذين يقولون عنه أنه لا يسمو ولا يتسامى للتعبير عما في النفس من خبايا وشجون ، ولعل ذلك قد جعل العامية محصورة فيما يسمى بشعر الغناء على الأقل ، منذ منتصف العقد الثاني لهذا القرن ، وقبع ذلك الشعر الصادر بتلك اللغة في الإطار الذي حددته له دكتاتورية الكلمة الفصيحة ، تلك التي تمثل المتعلمين. وعلى قلة أولئك فإن سطوتهم كانت تكمن في علو أصواتهم ، وأكثرهم كان مقلداً تجد في ردائه العصر الأموي والعباسي، وسوادهم قنع بنماذج عصر الانحطاط الأدبي وما بارحها وما تمرد عليها" انتهى ص5و6 طبع بالرياض ، مطابع الازدهار الحديثة تاريخ 2/5/1406هـ.
فالدكتور أبوشوك كتب من منطلق الحزن على شاعرٍ (متخصص في السماحي/ السماحة) ، شاعر كتب لنفسه ولنا من منطلق حبه وعشقه للجمال الذي كان يتملكه من رأسه حتى أخمص قدميه ، حيث أقرَّ بذلك قائلاً:
لا برعي أنا ولاني ماحي أصلي متخصص في السماحي
(الشيخ البرعي وحاج الماحي)
عيوني بصيرة لماحي تصيد مابتخيب رماحي
ولكنه رغم هذا التخصص "التخصص في السماحي" ، ورغم جريان العشق والحب في جسمه وعقله وقلبه مجرى الدم من الإنسان كان ذا حب عذري عفيف صادق لا تشوبه شائبة وليس لديه غير كلماته ويراعه مصرحاً بتلك العفة كثيراً:
يا بت عليك "زاد الشجون"
و"بوب مارلي" و"الحزن القديم"
اتمهلي لا تستهزي بي
عمك أنا وجدك كمان
لكن مصيبتي على العلي
بهوى الجمال
واهوي السبيب كل ماهو طال
وبهوى الصدير كل ما حضن رمان وشال
وبهوى البنات كل ما بقن شبه الغزال
ومافيش بلا الهوى بين إيدي
مؤكداً ذلك في موضع آخر:
غداً يا حلوتي ساراك تبتسمي
ولما اراك تبتسمي ستبتسمي
لست لديا شيئاً غير ما أمليه بالقلم
حبك ها هنا يجري مكان دمي
وهواك يدفعني وسوف أحطم الصنم
هكذا شكَّل الشاعر، إن لم يكن كل وجداننا ، فجل وجداننا ، وكلاهما (عبد الله وأبوشوك) أبدع في مجاله ، ولكن يصعب مجاراة لغة دكتور أبوشوك في العرض والشرح والتحليل والمتعة مثلما يصعب الإتيان ببيت شعر يشبه أبيات الراحل المقيم الأستاذ عبد الله (رحمه الله) التي تتصف ببساطة المفردة وسهولتها للشخص العادي كسهولة رؤيته للسماء دون جهدٍ ولكنه لا يستطيع الوصول إليها حيث أنها "استعصمت بالبعد عنا" ، فهي مفردات في غاية الصعوبة عند النظم تستمع بجمالها كاستمتاعك بجمال القمر وتحس بقربك منها كقربك من الثريا عند التمعن فيها ولكنك عندما ترجع البصر كرة واحدة تجدك نفسك على الثرى ، والبون شاسعٌ بين الثرى والثريا، وهذا ما يميز الموهبة من الصناعة ويتجلى ذلك في الجناس (نوح/نواح/نواحي/ الوسيعي /الوسيعي) الوارد في الأبيات التالية وغيرها:
كفاي يا نوح من نواحي وأزاي من عدة نواحي
نكوس في الفرص الوسيعي وسواقنا طوابنا الوسيعي
فهذا الشاعر المرهف المطبوع ، الذي وهبه الله ما لم نحظ به من خيال جامح ومقدرة لا تتوفر إلا لمن أوتي حظاً عظيماً "حل العقدة من اللسان" ، تملكه عشق وهيام نهكا قلبه وكادا أن ينحلا جسمه نحول ذاك الذي قال : "كفى بجسمي نحولاً لولا مخاطبتي إياك لم ترني" ، فعبقرية هذا الإنسان وعشقه وهيامه كسرت حاجز معرفته بفنون القراءة والكتابة وجعلته يصرح بذلك فخوراً:
يا زينوبة ابوك اصلو حالو برا
لو قاري العلم ولاهو زول خبره
مو زول غربة لكن الظروف جابرا
ويجيء فخره بعدم معرفته بفنون القراءة والكتابة لأن بنات شفاه لم تقل عن تلك التي جادت بها قرائح وشاعرية من تملكوا نواصي اللغة العربية مثل امرؤ القيس الذي وصف الليل في إحدى قصائده قائلاً:
وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
فلما تمطى بصلبه وأردف أعجازاً وناء بكلل
قلت ألا أيها الليل الطويل لأنجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
فشعور وليل امرؤ القيس يشبهان شعور وليل شاعرنا عبد الله (رحمه الله) تماماً دون منقصة والاختلاف الوحيد يكمن في نوعية المفردات فقط:
واحد علي يا ليل تطول أو لا تطول
ايه يعني لو طلع الصباح وخلاني راح
وبقيت دخول
ما تاني بتخيم علي
ليلي يا ليلي الكسول
وانا في حويلي تراني لا شوقاً يخف لا هم يزول
رحماك يا ليل الأسى الما فيك لي غير الذهول
لا فيك نجم يتعدى لا واشي بيقول
لا فيك خير لا فيك شر لا من حبيب لا من عزول
ماليني هم خليني يا ليل السجم
شوف غيري زول
فقد استطاع شاعرنا (رحمه الله) ببساطة المفردة وجزالتها أن يجذب قطاعات كثيرة من الناس لترديد قصائده ، بل استطاع أن يجذبهم ويفتنهم بقصيدة واحدة ، حيث تجد أن الأدباء والنقاد قد وقفوا عند مفرداته ودلالاتها وما يتخلل قصائده أو القصيدة الواحدة من صور بلاغية تغطي كل جوانب البلاغة من تشبيه عادي وبليغ ومقلوب واستعارة وجناس وحسن تعليل ومجازات ولوحات جمال كما في المواضع التالية :
فكي ليلاً لامَّا طرحة وافرديهو أدينا كشحه
أو كقوله في موضع آخر:
العجب العجيب إيدو الملاني غويش
شفنا التَّلة لكن مافي حس كشيش
وهذا البيت يطابق ما قيل في الأدب العربي
(تجول خلاخيل النساء ولا أرى لخولة خلخالاً يجول)
وتتجلى موهبته هذه في نظمه باللغة العربية الفصحى التي لا يعرف فنونها ، - وهذه شاعرية أشار إليها الدكتور توفيق الطيب البشير في معرض حديثه عن هذا الشاعر والذي سيرد لاحقاً - ، ونستشف ذلك في الموضع التالي:
وآ سبيبٌ كان ليل الحفل اسودا ينهدل
وآ قوام ينثني طوراً وطوراً يعتدل
أ بما الورد أمْ بالطهر كانت تغتسل
كبرياء لست أدري يتحدى أم هو يبتخل
بل يتجلى إبداعه في استخدام المفردة الواحدة بدلالات مختلفة في موضع واحد (قصيدة) خالقة جرساً موسيقياً متناغماً متناسقاً جميلاً دون إخلالٍ كما ورد هنا:
تعاين في الكرسي واحد تآمن بي الله واحد
تشوف الفي زمانو واحد عيار عشرين فوقو واحد
وفي قصيدة أخرى يقول فيها:
أشوف السحر البِراري
وكم أبدع فيهو باري
وأشوف الشعر البراري
كثير كاسيهو ومباري
يبين حسنو ويضاري
وأغالب فرحي وأداري
ففي الوقت الذي ينام فيه هذا الشاعر (رحمه الله) ملء جفونه بعدما أدهش قطاع الأدباء والنقاد بعبقريته الفذة في التعامل مع الكلمة وجعلهم يسهرون ويختصمون حول لغته ومضامينها تجد قطاع العاشقين - قطاع قد لا يهتم بتحليل القصيدة كثيراً - هائماً بأبيات قصائده ، حيث يجدون ألسنتهم العاجزة أصبحت فصيحة في الترنم بكلماته مخففةً ما بهم من هيام "كل يغني على هواه" ، كل منهم يريد أن يحل الله عقدة لسانه ليجد مدخلاً لقلب من يهوى ، "داير الحروف تبقالو نور تبقالو في قلب البحبو جواز مرور":
مرت ليالي طوال علي وطات غرامك ما بتخف
حاولت أصارحك وليك بالبي اعترف
فكرت اكتب ليك رسائل بي دموعي الما بتجف
مليون حرف
داير اخليك عن دلالك تنصرف
وداير اعبر عن مشاعر عن مشاعرك تختلف
دايرك تصدق أن في محراب غرامك معتكف
حقيقة لا يقف الأمر عند الأدباء والنقاد والعشاق فقط ، بل يجد الذين لا علاقة لهم البتة بتحليل الأدب ولا حتى العشق نفسه "افتراضاً" ضالتهم في استخدامه للمفردة العامية اليومية ، سوى أن تعلق الأمر بسفر أو وصف رحلة أو سرعة "بص" سفري وذلك من خلال استخدام المفردات التالية في وصف ما يعشقون في عالمهم العملي (نشَّ ، خشَّ ، رشَّة ، كسح بالنور والمنشة ، جربنديِّ ، عواسة ، بوري):
توكل وبالحاميه نشَّ دقايق في قبولي (القبولاب) خشَّ
لقى الخلا ماخلدو رشَّة وكسح بالنور والمنشَّة
نكتِّر لله الحَميدي الضهر حاضر في الحِميدي
رحلات التوفيق سعيدي قربت للناس البعيدي
السواقة وراثة ودراسة مو جربنديِّ وعواسة
رزانة وحكمة وفراسة ودي ود ابزيد كان اساسا
القيادة محكِّم نظاما ذوق وأدب واستقاما
بقت في بوريك علامة بركة الجيت بالسلامة
ويقيناً أن عالم الرقيقات ، الجنس اللطيف ، هو الغالب (صاحب الجلد والرأس في الإعجاب بقصائده) لأنهن بيت القصيد حيث تصبح كل واحدة منهن ، شاءت أم أبت ، معنيةً أو متوهمة أنها معنية بكل قصيدة وبكل مفردة:
حبك لي عقيدة ومبدأ
ريدك لي طريق أنا منو لازم أبدا
آه من شذاك يا وردة
وآه أنا من عيونن للسلاح تتحدى
أو ما نظمه في قصيدة العقد:
الله من خلاني متلك ياعقد
ارتاح وفوق صدرو انسند
لا بنسئل لابتنشد
هكذا يجد كل إنسان رجلاً أو امرأة ، قلَّ أو كثر علمه ، زاهداً أو مادحاً، صبياً أو كهلاً نفسه في موضع من مواضع قصيدته أو قصائده
هذه الموهبة والملكة والمقدرة على تطويع المفردات واستخدام القديم والحديث منها قد وصفها الدكتور توفيق الطيب البشير في كتابه " نظرات في الشعر الشايقي " معلقاً على الشاعر عبد الله ، واقتبس التعليق المهندس عبد الرحيم محمد الحسن ، - وكلاهما من الذواقين للفن والأدب- ، في مداخلته ،: (إذا جاز لنا أن نستخدم التعريف الجوهري ، للشعر العربي ، لجاز لنا أن نقول – ودون تردد – أن شعر عبد الله موزون ومقفى ، ثم هو محدث بالنفس لذة لا مثيل لها ، ولا نظير لها في كثير من الأعمال الأدبية المعاصرة بل إن كثيراَ من تلك الأعمال لا تتعدى تلك اللذة التي نجدها في لغة التخاطب اليومية ، إن صح أن للغة التخاطب لذةَ تذكر . وعبد الله فوق كل هذا ، شاعر مطبوع ، نافذ الإحساس ، ثاقب الفكر ، متوفر الشعور ، كثير الابتكار ، سهل الألفاظ ، رقيق العبارة ، جزل المعاني ، قليل المحاكاة إلا في مواضع قليلة لا يسلم منها كثير من المبدعين . كتب ما يربو على الخمسمائة قصيدة ، تخلل النغم ثلثيها ، وحفظ القلب – وردد اللسان – أكثر من نصفها وله قصائد كثيرة باللغة الفصحى ذات بال ) ... انتهى.
لقد وصف الشاعر محمد عبد الباقي حسين المعروف بالدرويش (أخ الشاعر المحامي عبد الرحمن الحسينابي) مقدرة وعبقرية شاعرنا (رحمه الله) هذه في قصيدته التي نظمها معتذراً لعدم حضوره لعرس الشاعر عبد الله 7/7/1977 ، (وهي من أجمل قصائد الشعر الشايقي سأوردها في نهاية هذا الخيط للفائدة العامة) قائلاً بأنه يخلق الجمال من البالي المنعدم بعد "الدوليق" بل بعد أن يصبح "كاويقاً" "عذالاً ورا الدوليقة من كاويقة تنظمه بي خيال فنان:
اليوم سبعة (يوم عرس الشاعر الراحل عبد الله)
اليوم سبعة واترصت تلات سبعات سلام تعظيم ابشرو وغنو يا الحبان
كال بحر الدميري قيوفو يهدر موجو دندن وجرجر الألحان
حزم نص شديراتنا الربن فوق حرفو "ماكسي" ونقنق "القفطان"
غرق واطي جزيرتنا واترسمت صبي العين يرقرق فوقو حب النز دموع العاشق الولهان
رطن "ود الجزاير" وقوقت "أم سوميتي" عرق اليابسي ناد(ه) ولان
كوفتن التميرات الضفاير وجقبلن في الدارة ما الليلي الزمن سكران
الفي الحورة نافشي سعيف(ا) تنكع وينبرم شبال(ا) فوق الدارة والصبيان
ما عرفوك وصف الجمال غنايو رافع الشعلة يا ربان
عذالاً ورا الدوليقة من كاويقة
تنظمه بي خيال فنان
لقد عرفته من خلال بعض أشعاره منذ أمد بعيد وانطبق علي قول الشاعر العربي "أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا" ، وقد أكرمتني الأيام بمعرفة هذا الإنسان عن قرب وذلك من خلال معرفتي بالأستاذ (رحمه الله) عبد المنعم محمد محمد خير (المحامي ) ، ابن أخت الشاعر الراحل عبد الله رحمه الله) ، وتوثقت تلك المعرفة عبر زميلي الراحل أيضاً الأستاذ عبد الهادي أحمد عثمان (عبود المحامي) (رحمه الله) ، حيث كنا نذهب للعمل كمحامين بمحكمة الدبة مرة كل شهر ، ونبقى هناك عادة لمدة أسبوع ، ونكون عادةً في ضيافة الأخ الكريم عباس محمد مدني والأخ اسحق محمد طه حيث كانا يصطحبانا والأستاذ الفنان صديق أحمد إلى ديار هذا الإنسان بقرية "الكَكُر" في كل إجازة يكون فيها الشاعر ببلده الككُر.
كان هذا الإنسان يقابلنا خارج البيت فوق "قوز" رملٍ تم رشه "من عصراً بدري" بمياه "مترته" أمام بيته ، وفي كل مرة ما كنت أعرف بأي يدٍ سيسلم علي ، فكلتا يديه تستبقان نحوك بالأحضان وجميل الكلم يلفك في بساطة غير معهودة ، وكعادته لا يطيل في الكلام العام فتجد نفسك في "حضرة من تهوى عبثت بك الأشواق ، فحدَّقتَ بلا وجه ورقصتَ بلا ساق" صاغياً مستمعاً لجديد النظم من فيهٍ معرجاً بك لقصيدةٍ جديدةٍ ، موضحاً لمناسبة قصيدة أخرى، كاشفاً للمستور الذي يفسره كل عاشق حسب هواه ، معرِّفاً إيانا من هي "سعاد زينة حريما" وكيف (خدَّرت) خضَّرت زراعته أمام بيته؟ وكيف أصبحت غيمة ؟ ومتى أصبح صريح القانون ينص بأن "الوقوف جم داركم جريمة". هكذا كان يتنقل بنا من درة إلى أخرى ، أورد على سبيل المثال منها وليس الحصر:
بلدكم مر بيها صُدف
وعند دار البريدو وقف
يا جميل غني واتلاطف
فـكلمة "البريدو" هي بدلٌ للمفردة الحقيقية في النص الأصلي مجاراةً لأعرافنا في حفظ اسم المحبوب محجوباً مستوراً ، ودائماً كانت تعقب هذا التوضيح ضحكاته وضحكات زميلي المرحوم عبود (رحمهما الله) تجلجلان بعد أن يفلح الأستاذ صديق أحمد في إقناعه بتوضيح أسرار القصائد التي أحسب أن جلها قد طمر معه تحت التراب.
لقد عُرف هذا الشاعر الرحمن بعراكه غير المتكافئ منذ أمد طويل مع وسائل السفر منتهجاً نهج آخرين عانوا قبله ومعه من وسائل السفر هذه وعلى رأسها "بوابير البحر" (البواخر النيلية بين كريمة ودنقلا) ، ( الزهرة ، كربكان ، الجلاء وعطارد) وذلك لما سببنه له من جروح لم تندمل "أبت تبرى ، وهذا العراك يعرفه الجميع من خلال قصيدة الشاعر كنه :
من الدبة وانجرا وسريع النهمة فاتا جرا
زولي الشالتو "الزهرة" وجروح قلبي اللبت تبرا
العفاض خلاها ورا وخاشي قنتي بان شدرا
ويواصل الشاعر عبد الله كنه معدداً جميع محطات الباخرة شرقاً وغرباً حتى تصل الباخرة إلى كريمة لتسلم المحبوب ، الذي ترك الشاعر يئن من جراحات الفراق ، لذاك الذي كان يقال في وصفه "بيسابق الريح" و"هيهات لا جن ولا سحرة بقادرين على أن يلحقوا اثر" ، قطار كريمة حيث تجد الشاعر مشفقاً على المحبوب من ركوب القطار "ووقفة النهار" الحار:
ديك كريمة وداك قطرا
واقفين والنهار حرا
ولكنه يستسلم للقدر ولا يجد بداً غير التسليم فيواصل في تعداد محطات القطار لعلها تشفي جراحه بدءً بالكاسنجر مروراً بالشريق وبربر "ودق الصفارة" في "عطبرة" إيذاناً باتجاه آخر نحو الشرق حيث المستقر "بورسودان حد الرحلة" ، مختتماً جميل كلامه بوصية للمحبوبة بكتمان السر:
تعال أوصيك يا جارة أنتِ للسر كوني ستارة
سائلا مولاه أن يطفئ نيران جروحه (ما أصعب هذا الوضع :جروح وفيها نيران):
مولايا جروحي أطفئ نارا ودي من يوم غابت القمرا
لم يسلم شاعرنا عبد الله محمد خير من أذى البواخر النيلية ، ذاك الأذى الذي سببنه لغيره الشعراء أمثال الشاعر مدني تميم الذي أضنته باخرة "الجلاء" فكتب:
كنت غايب وجيت اسألا
قالو قامت لي دنقلا
الجلاء القام بيها حل
واصل الرحلة بي أكملا
فما كاد شاعرنا المرحوم عبد الله ينفك من أذى باخرة إلا وتؤرق مضاجعة أصوات أخرى ، هو إنسان مرهف أعزل لا يعرف غير الحب وليس لديه من آلات القتال ، الذي جُبرَ عليه ، ليصرع هذه الآفة ، سوى بنات شفتيه ، حيث لم تكتف باخرة "الجلاء" بأخذ محبوبته ، مثلما فعلت بالشاعر مدني تميم لـ"دنقلا" في جو معتدل ، بل "سوت له لعب الخزى" ولعبت بمشاعره ونقلت محبوبته نحو دنقلا في طقس بارد :
الله من الجلاء والبرد
والله على فلذة كبِد
كان نايمة قدام الكبد
ولكنه رغم تأذيه من البرد وفعل هذه الباخرة فقد كان يستلذ بالعذاب متمنياً أن تنسى الباخرة آخر محطاتها "السليم" حتى يستمد قوته وروحه وذاته من جمال المحبوب :
يا ريت لو الوابور يمد
وينسى السليم لو بالعمِد
شان لي وداعك نحتشد
دايرين نصافحك وده القصد
أصلو كان ما تم القصد نلبس سواد شهرين نحِد
(وقد أدخل الأستاذ صديق أحمد هذا البيت الأخير وكان يفعل ذلك كثيراً حيث يدخل كلمة أو يغير كلمة أو يأتي ببيت ويكون في غاية الجمال).
ولكن لم تكن هذه الرحلة هي آخر أحزانه ، بل ظلت البواخر تمارس ألاعيبها القذرة دوماً معه "وخلف الكي فوق جروحه المنوسرة" فعيلَ صبره ، فنادى هذه المرة بأعلى صوته مستنجداً بمكلومٍ ومظلومٍ آخر (ود الدابي) عانى أيضاً من هذا الجاني (الباخرة) الذي يرتكب جرائمه في وضح النهار وتحت مظلة القانون (يطلق صفارته) ، راجياً منه التدخل ملوماً إياه على الصمت حاكياً له "كيف مسخت بلدنا" بعد سفر الحبيب وكيف فاضت دموع البلد عند الوداع ، أما حياته فلم يعد لها فائدة ، ولولا "شيل الحال" ومخافة العازلين لتبع الباخرة :
ود الدابى مالك ساكت ما شفت الجلا السواها
شال محبوبتي سافر بيها كيفن عاد بعيش لولاها
بابور البحر مو عارفي شايلي اعز زول جواها
ماهماها حالي البي ما دام نوَّره وضواها
تشتكي بالعلي عيوني أهمله ما سمع شكواها
اللحكيلك ألماك عارفو كيف مسخت بلدنا ورآها
كان كاتمه الشجن في وداعه ال دموعه مو ساتراها
وأيه فايدة حياتي البعده آخوي أتقلب مجراها
تقصر او تطول أيامى دي إنا لأمن أموت بطراها
من يومة رحيله السمحه خلت في العيون ذكراها
خلت في القليب بصماته أحرف كل يوم بقراها
***
ما بتحمل حبيبتى الغربه لا لا وحاته مو قادراها
وكيف حاله إن مشت في بلدا حاره وناسا مو شاكراها
كان فات المحطات جمله يا حسن (لابد) القرير بقشاها
قوم يوم التلاتاء أندله بى تالا الرصيف تلقاها
ما تعاين كتير وتشبه ديك إياها ديك مو ياها
باينه حبيبتي من بسماتا والنور يضوي من محياها
***
يا حسن أنت فوق أوصافه جيب أبيات وقول معناها
واوعك ترتبك فى وداعه ذي ما نحن ودعناها
واكتب لي جواب طمني لا يبقى السفر أعياها
ما بتقدر عليها الدرجه إلا غلب عليها حياها
هاك مني الرسالة التالته وعينى بالدموع راوياها
تلقاك حافظي للبيناتنا وتبقى العشره مو نا سياها
إن كنت ما بخاف عزالى آزول كت بقوم ابراها
لكين بخشى قنا وقالو وحالي السمحه عارفه براها
هذه المرة كان لندائه وقعاً حيث لم يذهب أدراج الرياح وكانت هناك حياة لمن نُودي ، حيث رد عليه الأستاذ حسن الدابي ، حسب منهج شعرائنا في "المجادعات الشعرية / الإخوانيات" ، (أذكر منها على سبيل المثال: ود الدابي أستاذي القدير غلبت الحيلة جيتك مستشير / ووب علي أنا يا السرير الجن بدا / حمد سعيد ما كان أخير تسيبو الريد وتناساه القرير) منتصحاً بقول حمد سعيد في رده على استنجاد الأستاذ السر عثمان الطيب: (حمد سعيد شنو عندو ليك يالسر ، بلا ألمن انطوى انترجم بقالو شعر) ، حيث اعتصر (ود الدابي) ألمه وكل أحزانه واستجمع باقي قواه الخائرة لنجدة مظلوم "الككُر" عبد الله محمد خير (رحمه الله). ولكن لما لم يكن عند "ود الدابي" قوة تمكنه من النـزال واستخدام يده ، ولما كان يعرف أن استنجاد شيخ العاشقين لا ينفع معه الاكتفاء بأدنى مراحل الإيمان (استخدام القلب) لإزالة الضيم والضرر المتكررين استخدم سلاح المفردة (ثاني درجة بعد استخدام اليد) ، مكتفياً بلسانه حيث شهد على الجرم موضحاً عجزه اليدوي داعياً دعوة مظلوم لم يكن بينها وبين الخالق حجاب سائلاً الله أن يعيق "الباخرة مثلما عوقت الناس" بعد أن أضرت به تلك "المساسقة/ والمزازاة":
يا عبدو أخوي قولك حقيقة
وكتير الطفشه الجلا من فريقها
دا اليزازي نقل سميحات الخِليقا
رنين صفارتو غلبني أطيقا
تعيق في الناس إله الناس يعيقا
أتمناله في دالة غريقة
تحتل فيها ما تفضل شقيقة
تطير ريشاته منها بي فريقة
وصميم مكناته تلتهمو الحريقة
قمرات نومه تسكنن أم دريقة (السلحفاء)
وتلد في عنابرو عشان غريقة
كتير قبلك يئن مضروب بديقة
تسد عبراتو تسمع لي شهيقا
فتحققت تلك الأمنية وأصبحت "بوابير" البحر اليوم تحت الماء نسياً منسيا تفرخ في عنابرها السلاحف (أم دريقا) ، فالجيل الحديث لا يعرف عن هذه الوسائل ولم يرها ولم يسمع بأفعالها مع شعرائنا. لقد بلغت درجة كراهية الشاعر الراحل عبد الله (رحمه الله) للبواخر مبلغاً جعله يغير خططه ، في محاربة هذا الخصم ، من المواجهة المادية التي لا يقوى عليها إلى تقليل مستوياتها والتشكيك في مقدراتها والمقدرات العقلية للذين يسافرون بها إلا إذا كان قد أصابهم مسٌ من الجن أو لعبت بنت باطوس (الخمر) برؤوسهم ملعباً ، فنظم قائلاً:
اليقوم بي كربكان من اهلو تب ما عندو راس
إلا وحدن ....... جبد غتاه وكتحلو كاس
لم يسلم شاعرنا (رحمه الله) مما كان يعاني منه (نقل الحلوين) بسبب البواخر ، بعد أن غرق اغلبها وأصبحت غير صالحة للنقل ، ولم يهنأ بذلك ، حيث ظهرت "البصات السفرية" امتداداً لذاك العناء والشقاء فزاد سهره ، وفـُتحت له جبهة قتال جديدة لا حول له بها ولا قوة مع هذا الاختراع الجديد الذي يخطف "الحبائب" ولا تستطيع الرمال تعطليه مثلما كانت تفعل للعربات " السفنجة ":
داير اقوم بالتوفيق (اسم بص سفري) خفر مالو زي دا ومال السفر
شقق القوز بالجو دفر لا مساعد جرى لا حفر
السموم يا فيصل الحر أمنعن لو كان بتقدر
ويقول في موضع آخر:
البلد مالك هاجرا صابحي حزناني مقنجرا وادو وين يا صابر جرا
ولكن هذه الضربات السريعة الموجعة التي سددتها له هذه "البصات" جعلته يهادن ويغير لغته التي انتهجها مع "بوابير البحر" ، حيث دخلت في أبياته الشعرية روح الحكمة في ردوده للذين شكوا إليه ظلم هذه "البصات" بعد أن أصبحت دنياه "فرندقس" وخابت كل أسلحة نزاله ناصحاً إياهم بالتجمل بالصبر حيث يقول في قصيدة أخرى:
تلب (اسم شخص) امسك حبل الصبر خلو قلبك لا يبقى ني
اصلو ود أبزيد (سائق بص) كل يوم من بلدنا يرحِّل جدي
الككُر يا رحمن زمان ضاع مع العشاق شاعرا
جننو البتوفيق رحل هام ورا القام بالباخرة
ما نفع تغريدو الحزين ما شفع صدق مشاعرا
خلا دنياهو فرندقس ما عرف أولا وآخِرا
بل اضطر إلى تغيير لغته تماماً معدداً مزاياً "البصات" السياحية ، مثمناً سرعتها ، واصفاً السفر فيها كأنه سباحة ، أو كأن البصات ظباء ، بل أصبحت في نظره تطوي الأرض طياً مضيِّقة عليه الدنيا "الوسيعي" مقللةً لفرصه مع المحبوب وقت أن كان يمتد السفر لأيام وليالٍ ، فهذه اللغة قد يكون القصد منها أن ترحمه تلك "البصات" قليلاً أو ربما لأنه كان بداخل "البص" في معية المحبوب فنعم بوجود من يهوى وخلد له ولكن لم تعجبه سرعتها لأنها ضيقت المسافات الوسيعة التي أراد أن ينعم بطولها في صحبة المحبوب:
خلاس أنا هبت رياحي وصفالي زمان ارتياحي
زاد لي سهري ونواحي القام بالتوفيق السياحي
من عند الفاتح قيامو ختم ورقو واخد تمامو
يا ربي تبارك ايامو وتعدل الخطوة قدامو
سمح توقيتو الصباحي مريح سفرك كالسباحي
منع غنايو النباحي وسمحلو الغزل الاباحي
توكل وبالحاميه نشَّ دقايق في قبولي (القبولاب) خشَّ
لقى الخلا ماخلدو رشَّة وكسح بالنور والمنشَّة
سرح زي ظبي الضواحي السرح بين الوديان وواحي (واحة)
كفاي يا نوح من نواحي وأزاي من عدة نواحي
رزاز والنسام ربيعي تجمَّل وخليك طبيعي
نكوس في الفرص الوسيعي سواقنا طوابنا الوسيعي
يلقط يوت في النوادر يشيل ويودي البنادر
مخيَّر عاد والله قادر هن ماهن شبه الدرادر
نكتِّر لله الحَميدي الضهر حاضر في الحِميدي
رحلات التوفيق سعيدي قربت للناس البعيدي
يا الزباينك واسع نطاقا عشان تصلك بازلي طاقا
بقى حجزك بالبطاقة في ترحيلات الصداقة
السواقة وراثة ودراسة مو جربنديِّ وعواسة
رزانة وحكمة وفراسة ودي ود ابزيد كان اساسا
القيادة محكِّم نظاما ذوق وأدب واستقاما
بقت في بوريك علامة بركة الجيت بالسلامة
كان شاعرنا عبد الله (رحمه الله) يدرك قدر نفسه جيداً ويعرف أنه شاعرٌ موهوب وفنان يمشي بين الناس موزعاً للرحمة الأدبية ، ولكنه رغم ذلك كان متواضعاً شفيفاً تهزه "كليمي من إنسان" ، لم يخرجه فنه عن سماحة أهله ولم يغيره الصيت حيث ظل كما هو منذ جهله يفخر بهم ويقاسهم الفرح الذي لا ينشده إلا بينهم ، فلم يكن كذاك الشاعر العربي الذي فخر بنفسه لا بجدوده:
لا بقومي شُرِّفت بل شُرِّفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي
وبهم فخر كل من نطق الضاد وعوذ الجاني وغوث الطريد
فكان كل همه هو الفرح وخلقه من العدم والاستمتاع به بين أهله وأنداده وأصدقائه وأقرانه وجعله متاحاً للناس:
أنا البيكم بقيت عزيز ولي مكان
بقيت محسوب من الأعيان
بقيت فنان أهز الناس طرب وأسقيهم الألحان
قسم بي كل ما حولي
بيوت أهلي .. نخيل أهلي... شقاوت أهلي
بي واطاتم المزروعة والسهلي
وطيبة أخلاقهم المعهودة والمهلي
ياني وليدم العرفوني من جهلي
"ودعبدون" عزاي الفرحة بين أندادي والمتلي
ورغم أحزان شاعرنا المتواصلة التي خلفها فراق الأحبة ، تجد أن عزيمته لا تلين ولا يقنط من رحمة الله والمحبوب أبداً ، رغم جور الأخير وظلمه الواضحين ، ممنياً النفس بلقاء حتى لو كان "في المنام أقول يحلم بي أنا"، مبتعداً بنفسه السمحة الشفيفة عن الغضب ، بل نائياً من أخف أنواع اللوم ، حاسباً تعمد الجفاء من المحبوب نوعاً من المودة طامعاً في المستحيل:
راضين مهما حبو كلفنا
لانو ملك شعورنا ملك عواطفنا
والفناهو لو يرحم يوالفنا
نحن نطيعو ما دايرين يخالفنا
أجمل منو في الكون كلو ما شفنا
جود يا الله بي لقياهو وانصفنا
حاول مرة زورنا عشان تشرفنا
نظمنا القصايد فيك والَّفنا
دايم حبي ليك ومستحيل يفنا
أو كما نظم في موضع آخر قائلاً:
لحكمة ما بكت العيون الشاخصة في وجهاً جميل حافظ نداي
والليلة كاسيهو الشحوب في يوم زفافك خاصم هواي
كان صاغية لي صمت العيون الكان بردد يا ضناي
انا اصلي ربي خلقني ليك ورسم جواي
وقسملك انو تعيش براك واعيش براي
ونظم في موضع آخر قائلاً:
ليك حق يا قليب عاد ان بقيت درويش
وقبال ماتموت صاقرت ود اب ريش
دا الوالفتو قبال ما يربي الريش
ربى جناحو فات خلاك للطرطيش
الحن نار عويش
كان علقوها تعيش
بس ما انت جاهل وكان جفيت معليش
قصدو يكاوي حش عصبنا حش العيش
لافي سلام
لافي كلام
لا بالليد
لا غميت ولا رميش
من جاي آ زول عاد ولي شقيش
أو كما نظم في موضع آخر قائلاً:
بحسب جفاك مودة وأترقب لاقاك مهما تطول المدة
ونظم في موضع آخر قائلاً:
شايل زادي شوقي وشعري من غيرم فقير معدم
إلا مع غرور محبوبي لا أخّر ولا قدّم
مهما قلت فوقو كلام وفوق اوصافو جبت حِكم
اطمع في ودادو ألاقي بي هجرو وصدودو حَكم
بل يصرح بأن الرفض له ، من المحبوب ، لن يغير من عزيمته وقيمه:
أرفضيني
إلا رفضك ما بيغير من عزيمة
وما بيبدل في ضمير مليان من القيم القويمة
كيف نسيتي الحكمة يا الطيبة الحكيمة
يا عظيمة
فكل ما يقوم به الحبيب من قطيعة أوجفاء لا يجد عند شاعرنا غير القبول والدعاء بما هو أحسن من أجل سعادة محبوبه الذى جفاه أو فارقه لسبب ما ، فلم تعقب "ريدته عداوة" أبداً رغم أنه من المعلوم فى الغالب الأعم أن الحب الذى لا يثمر قد يفضى لعداوة تختلف درجاتها بين الناس "وليك من عداوتو شِفق" ، بل شاعرنا دائماً يلفه الأمل و"العشم" متمثلاً قول الشاعر : "قد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا" ، فكأنما لسان حاله كان يردد قول الشاعر العربي :
ويحي أيعترض القنوط عزيمتي والحزم من طبعي ومن عاداتي
والدهر طوعي والزمان مصادقي والصبر ورعي والثبات قناتي
بل كان يجد شاعرنا (رحمه الله) راحة نفسه في عذابات الحبيب له طالما أن الحبيب قانع وسعيد بذلك:
أرضي تبني سعادتك المنشودة فوق انقاض صرحنا
نحن غنيناك في اللحن الفرايحي وبيك فرحنا
أنت لو راحتك عذابنا في العذاب نحن استرحنا
كان هذا التسامح والتصالح مع النفس والمحبوب القاسي الظالم واحترام أقدار الزمان ، جزءً من وجدان شاعرنا (رحمه الله) لا يتزعزع أبداً ، حيث تجده راضياً بالمقسوم ، وهو توحيد ليس بعده توحيد ، تجده راضياً حتى لو كان الأمر جالباً للبؤس والشقاء مضيعاً لأحلام عاشها لسنين طويلة ، فهو يقبله طالما أنه يرضي آخرين أو يرضي مجتمعه أو محبوبه ، ويتجلى ذلك في قصيدة "غريبة ما بكت العيون" التي وردت منها أبيات قبل قليل ، بل يتجلى بصورة واضحة وصريحة في قصيدة "المكتوبة مابتنفات" التالية :
المكتوبة مابتنفات والمقسومة ياها الجات
حبابكم عشرة يا الأخوان ويا الأخوات
حبابكم عشرة يا الخالات ويا العمات
حبابكم والضمير راضي وحبابكم وفي العيون دمعات
وحات الكرشة والعجوة ووحات ام راس
وويرة وسوس والميس جم بيوت عباس
وحاتك يا اعز الناس
وحاتك يا عقيد الماس
ووحاتك يا جميل الصورة الاحساس
وحاتك إنت ما اتلوم
ولا بقدر على قولن بعد باكر وسط زملاي بيهو انزم
أنا رضيت كل التقيلة اشيله واتلزم
رضيت أضحي شان ارضي الأهل من جم
رضيت أشقى شان أسعد بنات العم
رضيت أفكاري تتشتت عشان كل الشمل يتلم
ويقول في قصيدة أخرى راضياً بقدره وقضاء الله موضحاً منعته في الشدائد:
غريبة ما بكت العيون في يوما داك
لما انكتم نفس القليب الكان بشيل هوا من هواك
غريبة إني وقف امام عينيك وما انهارت قواي
اتجمعت كل المعاني السامية ديك اللحظة واتحدت معاي
غاية رجاي قيمة وفاي معني غناي وتمن شقاي
يا من وهبتك كل ما مضى من حياتي ومن صباي
أنا هل ظلمتك ام ظلمتني لما سبتك لي سواي
ويقول في قصيدة أخرى:
عديلة عليك محل ما تمشي تمشي
يا عديلة ابقيلو زي القيمة رشي
ويقول في قصيدة أخرى:
عاد يا قلبي كيف تعمل
ماضيك اللكان أجمـل
سعادتك فيهو ماش تكمل
ودقاتك بتتعطل
تقبل والله ما تقبل
مجبور ترضى باللحصل
تخطيطك تراهو فشل
وما دليت دلوك نشل
كفاك زمن شربت عسل
هاك اتجرع الحنضل
ويقول في قصيدة أخرى:
إنتو مهما يطول عذابكم
الله ما بتقيف رحمتو
وخير شاهد على ما نقول هو ما نظمه في قصيدته المشهورة "يا زمان":
وأنت فى عشك سعيد هاني وممجد
ما يهمك طرفي عمره يعيش مهجد
أنا ليك بتمنى السعادة وليك بقول انشالله تسعد
وارضى بالمقسوم لي والمقسوم لي أنو حبيبي يبعد
وكما نعلم جميعاً أن للعيد وقع في نفس كل إنسان ، يختلف ذلك الوقع حسب الظروف التي يكون فيها أو يعيشها وجدانياً أو مكانياً ، وهذا أمر من الأمور التي وردت في الأدب العربي : "عيدٌ بأي حالٍ عُدت يا عيد لما مضى أم لأمر فيك تجديد" ، وبالطبع كانت للأعياد التي مرت على شاعرنا ، وهو في غربته بعيداً عن أسرته وأهله وعشاقه وأحبابه ، وقعاً أمرَّ من وقع السهام والرماح وبيض الهند ، فقد مزقت قلبه تمزيقاً جعله يتمنى إلا يعود عليه هذا العيد مقارناً بين صورة العيد في بلده "مباركة العيد من الأم ودعواتها" ، خروج الصغيرات في الصباح الباكر يحملن الفرحة " سون الشرطان ضفاير" ، وبين صورة عيده وهو في غربة حقيقية لا يجد فيها حتى من يعيِّد عليه قريباً كان أو غريباً ، فأي ألم ومعاناة أشد من هذا؟؟؟ وأي شيء ينفـِّس هذه النفس الحساسة الرقيقة؟ البكاء فقط ولا غيره ، وسنتطرق للوجه الجميل من العيد في إحدى قصائده:
يوم بيتنا اصبح كلو خير
يوم كنا بي نشوة فرح داير نطير
يوم القمر في بيتنا متواضع قعد فوق السرير
وقال كل عام وانتم بخير
وهنا نطرح نماذج لأقبح الظروف التي مر عليه فيها العيد من خلال نظمه التالي:
روِّح فوت بلا ندم وليا جيت يا عيد بلا طعم
فيك لا أماً تقول ترجوه داير
لا زهيراتن حليوات سون الشرطان ضفاير
لا عروسن في بسيمتا من بسيماتك كم بشاير
لا قريباً تلزم زيارتو ولا غريباً جانا زاير
في الصباح حصِّل عذابك منتهاهو
ولي رضيت بي حالن العدو ما رضاهو
قلبي طاوع حزنو مشى حسب هواه
بكى وبكى وما لقى أحسن مابكاهو
ونظم في موضع آخر قائلاً:
أجيب قلم وأحصر تعابير الألم
وكل ابتهالات العشم
لكني من أول حرف اجد الأنامل ترتجف واتذكر العيد المضى
أعياد تجي وأعياد تفوت
والفرحة تصحب كل عيد تملا البيوت
وأنا كل ما استقبلت عيد أحيا وأموت
وأطبع ملايين التهاني على الكروت
يجمع الليل بين النقيضين عند شاعرنا ، فهو مصدر البهجة والسعادة المطلقة عنده ومن ثم يتمنى من ليله ألا ينقضي أبداً ، وألا تشرق الشمس عندما يكون وسط أهله وأحبابه ومن يعزه بصورة خاصة ولكن عادة ما تمر ساعات هذا الليل كمرور دقائق بل تمر أسرع من لمح البصر:
يا حلاة ليلا معاك ما درنا يبصح
ويا حلاة صبحن تكون انت المصبح
بينما يكون هذا الليل جحيماً لا يطاق مليء بالهموم تحفه المخاطر التي تتقاطر على شاعرنا من حيث يدري ولا يدري عندما يكون بعيداً عن أحبابه في غربته اللئيمة ، والنموذج التالي نموذجاً لأقبح الليالي التي مرت عليه من خلال نظمه:
واحد علي يا ليل تطول أو لا تطول
ايه يعني لو طلع الصباح وخلاني راح
وبقيت دخول
ما تاني بتخيم علي
ليلي يا ليلي الكسول
وانا في حويلي تراني لا شوقاً يخف لا هم يزول
رحماك يا ليل الأسى الما فيك لي غير الذهول
لا فيك نجم يتعد لا واشي بيقول
لا فيك خير لا فيك شر لا من حبيب لا من عزول
ماليني هم خليني يا ليل السجم
شوف غيري زول
رغم سيطرة العشق والغرام وجبروت الوله ، ورغم الجراحات الغائرة ، ورغم هجران الحبيب ، وضربات "البواخر" "الساسقت نقلت كل سميحات الخليقة" ، ورغم الغربة والحزن ، ورغم مرور الأعياد دون رفيق أو قريب أو حتى غريب ، ورغم طول الليل وخلوه من أي حسن ، والتي كانت كلها مصدر إلهام لنظم درر ما كان لنا بها من علم لولاها ( تلك العذابات) ، إلا أن شاعرنا لم تنسيه كل هذه الصعاب والجراحات حب وطنه الكبير السودان وحب وطنه الصغير " الككُر" ، فلا يفتأ يذكر في وطنه الصغير "ناس أم زين" ، وكم هن حلوات سارحات في رباه يكحل الحياء عيونهن ويكسي العفاف أبدانهن ، بل يتحدى من يجرؤ أنه قد لمحهن مجرد لمحة "بلا حشمة" ، ويشتاق "لطلوع الساقي ونزول القيف" لا يلتفت لدورية "يطلع وينـزل " كما يريد يلبس "عراقي وسروال" أي هدوء بالٍ يطمح فيه الإنسان أكثر من هذا؟؟؟؟ :
قريب لو في العمر باقي
قريب تلقوني بيناتكم وسط خلاي وعشاقي
أفارقك يا بلاداً لسه ما عرفت هويتي انا
أنا هويتي دروعي ودراقي
هويتي وطن ولادو على دين الله سباقي
ومابفوتوه لو ما العيشي حرت نارا
كيفن تدرو نار العيشي حراقي
أطل القيف تلوت الليل ومرات اطلع الساقي
لا في مرور يقول لي اقيف ولا دورية بتلاقي
وبدل رديف هدوم الصوف كفاي سروال وعراقي
ونظم في موضع آخر قائلاً:
يا وطن ديما ليك بحن وفي الدرب البجيبني عليك ما لي محن
ناس أم زين حلاتن في رباك سرحن
كاسيهن عفافن زينة زي طِرحن
ومن غير حشمة كضاب اليقول لمحن
فجمال بنات بلده وحشمتهن وأدبهن ومعرفتهن بالقيم والأخلاق جعلنهن يثور صراحة ضد كل ما هو مخالف لمنهج حياتنا البسيط وقيمه النبيلة ، وكل ما يأتي متخفي في ثوب التحضر وهو أبعد عن ذلك:
اصلو الزمن يا السمحي ياهو كدي وكفا
اصلو الزمن يا السمحي ضاع فيهو الوفا
اتبدلت كل القيم وبقت الفضيلة مخالفة
القعدة "الونسة" دا الاسم الزمان
سموها بارتي وبارتي حاد
لازم يكون عدد البنات قدر الولاد
وهالك يا غنا
وخد يا عصام ناول منى
بصحتك وعلى شرف راس السنه
طول بينا يا ليل السواد
شبعنا في خم الرماد
لامن نحصل قوم عاد
وكان الله في عون العباد
بل كان يحلم بالرجوع لوطنه الكبير أيضاً والجميع "متلفحاً الحرية شالا" "لابساً التوب المطرز بالعادلة" ، متنعماً بالحرية وبكل تلك الحياة الحالمة الهانئة التي يحلم بها في ربوع وطنه الصغير "الككُر":
مشتهيك انا يا بلد وليك راجع لا محالة
بعد ما حررت نفسك من قيودك في بسالة
بعد ما طهرت أرضك من نواميس العمالة
نفسي ارجع وألفح الحرية شالا
وألبس التوب المطرز بالعدالة
واحضن القيم العشقتك من خلالا
ما عرفت اعيش بدونا وما قدرت اقولا لا لا
هكذا كانت المسيرة الشعرية لهذا الإنسان عبر مراحل عمره المختلفة تفيض حباً وعشقاً كل صباح وعشية ، لا يغيرها الزمن ولا الظروف ، ولم تشيب نفسه ولم تعرف نفسه غير الجمال والسماح ، الذين اعتكف في محرابيهما لا يبرحهما أبداً "يتجلبب" و"يتلفح" و"يتعمم" التسامح والتصافي والتصالح مع النفس والأحبة والآخرين، مقراً صراحة بمراحل عمره المختلفة طامعاً في استمرار ما جُبلت عليه نفسه ، حيث ترى شاعرنا ماثلاً في نفس الشاعر العربي التي وصفها في الأبيات التالية ، يقول المتنبئ:
في الجسم نفس لا تشيب بشيبه ولو أن ما في الوجه منه حراب
لها ظفر ان كل ظفرٍ أعده وناب إذا لم يبق في الفم ناب
يغير مني الدهر ما شاء غيرة وابلغ أقصى العمر وهي كعاب
فشاعرنا عبد الله لم يتسرب إلى قلبه أبداً قول ذاك الذي قال: " يا بنت عشرين والأيام مقلبة ماذا تريدين من موعود خمسين " ، فها هو شاعرنا (رحمه الله) يقر بفارق العمر بينه وبين من يهوى ، وكان هذا الإقرار ديدنه في اغلب قصائده ، بل يعمد إليه ليثبت للناس أنه عفيف في حبه لا يعشق إلا الجمال ، ويبدو من خلال قصائده أنه يتمنى دائماً أن يتوقف الزمن مردداً قول الشاعر العربي (ليت وهل ينفع شيئاً ليت ليت شباباً "بوع" فاشتريت) لينهك قلبه وجسمه مزيدٌ من الغرام ويخرج لنا آهاته ومكنونات روحه الجميلة وفنونه الخاصة في الغرام درراً يخلدها التاريخ ويلهج بها كل إنسان ، حيث لم يكن مثل المولهين والهائمين من أي جيل من أجيال العاشقين ، فالأبيات التالية تكشف مدى إدمانه للغرام وكيف أصبح الغرام مزمناً عنده وكيف هو يختلف عن جميع العاشقين وكيف يتأسف على سالف حياته:
ما حياتنا عليها من قبلك تأسفنا
ولو ما شفنا حسنك تاني شن شفنا
نظمنا القصايد فيك والَّفنا
دايم حبي ليك ومستحيل يفنا
وهذا نموذج يكشف ما أشرنا إليه بإجمال أعلاه:
أنا من مشاهير المحبين الحنان
ولمان عشقت عشقت من حور الجنان واسمح كمان
يا روحي بسالك الأمان دايرك حياتي تطمنا
اسمح السمحين تعال
اجمل الحلوين تعال
عشان تعرف مين انا
انا ما "جميل" العاش متيم كم سنه
ماني "الملوح" عاش مطوح قضى عمرو مع المنى
انا زول جديد
مجنون شديد
يعرف يريد إلا البريدا مكجنا
ونظم قائلاً عن نفسه:
عارفني ليهو أنا ماني نِد
ويمكن أكون ليهو جد
ويقول في موضعٍ آخر:
عمك أنا وجدك كمان
لكن مصيبتي على العلي
بهوى الجمال لكن ما فيش غير الهوى بين ايدي
ويقول في موضعٍ آخر:
بعد ما فتو بعشرين ليهو رجعت اتندم
ياريت لسه كت شباب ولسه العمر ما اتهدم
ويقول في موضع آخر:
بتق باحساس جديد
لا عرفتو ريد
لا عرفتو جن دايرلو قيد
وكان كثيراً ما يستصحب شاعرنا عبد الله في شعره و "نديهته" الأولياء والصالحين في كل دعاء يدعو فيه ربه آملاً في عودة محبوبه:
يابا أم بابالياس تجي الحين وجيب معاك كل الصالحين
تلحقوا الخفرو مسلحين ونحن بي لحظو مجرحين
صور الشاعر حالته في الغربة وهي كحالة كل مغترب ومهاجر بأنها حالة من يجري وراء سراب بقيعة يحسبه ماء ، لاهثاً وراء المال من أجل راحة النفس ومن أجل قطعة أرض "في أكبر مشروع إنمائي مشروع السكن العشوائي" ، إلا أنه أخيراً لا يجني سوى الغياب والحرمان النفسي والحرمان الزماني والمكاني والعدم ، الحرمان من نفس الأهل والأحبة ، والغياب من كل فرح متوسداً جمر البين العذاب:
قيتلو نصاح
امسيتو شداد
ماكن طيبين
يا ناس عن كل فرح غايبين
يا ناس تتوسد جمر البين
يا مغتربين
يا ناس ركبت قطر الأحلام
همت .. لمت .. كدر الأيام
حبت تستمع بالآلام
من قبلو دوام من بعدو دوام
قيتلو نصاح
امسيتو شداد
يا ناس هجرت وطن الأجداد
نزحت .. كدحت .. في درب الزاد
آمال تطول ارض الميعاد
في "الكرمتة" أو في حوض "أبو آدم"
أمتار عشرين
من مليون ميل
إن شاء الله تكون
في مجرى السيل
في اكبر مشروع إنمائي
مشروع السكن العشوائي
هكذا جاء به الزمان وهكذا ألجاه الشعر وهكذا أخذه في غفلة وهكذا حلف أن يأتي بمثله ، ولكن نقول للزمان "حنثت يداك يا زمان فكفِّر" ، يكفي أنك كدَّرت إحسانك لنا وسيبقي العزاء فيما خلفه لنا من كل جميل:
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا وعناهم من شأنه ما عنانا
وتولوا بغضة كلهم منه وإن سر بعضهم أحيانا
ربما تحسن الصنيع لياليه ولكن تكدِّر الاحسانا
ختاماً لهذا الخيط البسيط أورد هذه القصيدة (يتغنى بها الفنان عبد الرحيم البركل ولا أعرف شاعرها) لعلها تعزيني وتعزي الأستاذ الفنان صديق أحمد والبروفيسور أحمد أبوشوك والدكتور توفيق الطيب والدكتور سليم أحمد والأخ عباس محمد مدني وكل محبي هذا الإنسان الشاعر العظيم:
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة)
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
كَـتِّرْ وَحِيْحَكْ يا قَلِبْ
وينُو الزَّمَانْ يَعْزِفْ حَنَانْ ** الليلا(ة) غيْرْ وَدَاعْ رَاحْ مُحْتَجِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
ليه يا أخي رَاحِلْ دُونْ وَدَاعْ ** مَا قُتَّ مِنْ دُنْيَاكْ تِعِبْ
دَايِـرْنَا نِحْنَ نَعِيشْ وَرَاك ** كيْفْ بـ قِليْبَ(نْ) مِتْخَرِبْ
ابِكنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
وَللا (والله) القَدَرْ جَبَرَكْ تَسِيبْ ** نَاسَ(نْ) ليها يَامَا كُتْ تَحِبْ
في الحَسْرَة والأسَى والهُمُومْ ** والعَبْرَة والدَّمْعْ الـْ بِكِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
غَشَّاشَا(ة) يَا دَارْ الزَّوَالْ ** كُلْ النَّعِيمْ الْـ فِيكْ كِضِبْ
كُلْمَا تَجُودِي النَّاسْ بِـ خير ** يَلْقُوُهُ شَـرِّكْ مُتْقَلِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
يَا دُنْـيَا ليه بِتْشِيلي شاعرنا** يَا دُنْيَا حَارْ جَرْحْ القَلِبْ
مَا هَسَّا هسع كَانْ بينَاتْنَا نُوُرْ ** وَاليومْ دِريبُوْ عَلَيْ صِعِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
مَا بْـ يَرْحَمْ المُوتْ يَا أخِي زولْ ** دَايْمَ(نْ) مَسَلَّطْ للْسَّلِبْ
أتَّامْ عِيَالْ ، خَرَّابْ دِيَارْ ** بَكَّايْ عِيُوُنَ(نْ) تِنْتَحِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
هُوَ القَدَرْ ، هُوَ الأَجَلْ ** هُوَ المُسَطَّرْ مُتْكَتِبْ
رَغْمْ العُلُوُمْ اتْقَدَّمَتْ ** يَا موتْ دَوَاكْ مَا عِرْفُوْ طِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
أنا جَانِي الخَبَرْ في يومْ رَهِيْبْ ** فِي نَفْسِي شُفْتُوْ كِضِبْ كِضِبْ
يَا (أ)خِي مَا شُفْتَ العَلَيْ ** لمـَّانْ عِرِفْتَكْ إِنْتَ غِـبْ
الكونْ دَا شُفْتُو عَكِسْ بَعَضْ ** حَتَّىْ الشَّمِسْ طَلَعَتْ غَرِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
جِيْتْ للدِّيَارْ مَا فِيَّا بَالْ ** البَالْ وَرَاكْ مُنْشَطِبْ
جِيْتْ للدِّيَارْ وطَعَمْ الفُرَاقْ ** في حَلْقِي مُرْ مُرَّنْ كِعِبْ
جِيْتْ للدِّيَارْ أبْكِيْكَ ** وْدَمْعْ العينْ يَسِيْلْ يَسْكِبْ سَكِبْ
يَا (أ)خُوْيا وَااا أسَفِي الشَّدِيدْ ** مَا جِيْتَ قُبَّالْ تِنْـتَرِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
إنْتَ رَوَّحْتَ مَا خلْيْتْ غيْرْ ** ذِكْرَىْ المُحِبينْ للْمُحِبْ
ذِكْرَاكْ مَقَدَّسَا (ة) في قِلْيبَ(نْ) ** أَرْضَعْتُوُ حِنِّيْةَ القَلِبْ
ذِكْرَاكْ رَسَمْتَهَا في الخَيَالْ ** بيْنْ النِّجُوُمْ في ليْلْ ضِهِبْ
ذِكْرَاكْ دَايْمَ(نْ) في صُحَايْ ** وْعَليْهَا مِنْ النّومْ أَشِبْ
ابِكِنْ يا عِيوُن الليْلا(ة) ** ابِكِنْ يا عِيـُووون
إلاهِي أخُوْيْ عِنْدَكْ غَرِيْبْ ** اَغْفِرْلُوْ كُلْ زَلَّة(ا) وْذَنِبْ
وَاْرْسِلْ سِحَابْ الرَّحْمَا(ة) يوتْ ** فوْقْ قَبْرُو يتْزَاحَمْ يَكِبْ
وآنْسُوْ بـ حُوُرَ(نْ) حِسَانْ ** لا بـ تِتْوَصِفْ لابـ تِتْحَسِبْ
واَقْبَلْ دُعَايْ قُولَيَّا ** أخُوُكْ فِي الجَّنَّا(ة) لا شِقَا لا تِعِبْ
ألا رحم الله الشاعر عبد الله رحمة واسعة وأنزل عليه شآبيب رحمته بقدر حروف بنات شفاه
واللهم ألهم آله وإيانا الصبر والسلوان ، اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلا خيراً من أهله وادخله الجنة وقِه عذاب القبر وعذاب النار.

دكتور يس محمد يس
كاليفورنيا ، أمريكا
2008

عبدالرحمن محجوب يوسف
عبدالرحمن محجوب يوسف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء 01 أغسطس 2012, 09:27


العَجِين المُر

شعر : هاشم صديق

سَكّيتى
السحابة السمرا
من قيسان
ولي قِبلة
سما أمدرمان .
...........
يوم الجمعة
صلّينا
دعينا المطرة
شان تنزل
جات المطرة
بالبمبان .

..........
اتحرّينا لي رؤية
شهر رمضان
اتفاجئنا بي رمضان
كان حاضر .
مَرّ الحول
وما فاتنا
كان واقف
وكان حارِن
تقول حردان .
............
تمام حولاً
ونحنا تملّي
ناس صايمين
وماعارفين .
ما حللنا صوم
بي تمرة
ما بلّينا بي حلومر
حلق نشفان .
............
شن الصوم
وشن الرؤية
يا ( عشمانة )
كان عزّ القِرِش
في اءلايد
واتقدّد
جِلِد جُزلان ؟!
............
لا زِرّيعه
لي الآبري
لا عجالي
لي شرموط
لا ( تيبار )
عجيناً مٌر
ولا في عصيدة
بي ملاحاً
لذيذ ويسُر
..........
لا في بليلة
في حلة
ولا تمراً كُبار
في كورة
يتبلا.
........
لا فحماً
ولا ملحاً
ولا قِرشاً
يجيب شيتاً
من الدكان .
..........
اتشققنا
لّما نشفنا
واتقلّينا
لما نجِضنا
واتفتفتنا
لما كملنا
وأسيادنا السُمان
(كيزان ) .
..........
قرصنا الجوع
مرقنا هتفنا
ضد والينا
ضد خانقنا
ضد كاتلنا
كان صوت
الوجع عالي
وكان نقحي الجروح
مسموع
ضحكوا علينا
ناس ( كاكوما )
و ( ود برهوما )
قالوا علينا
أحسن لينا
( لحس الكوع )
سبحان الخلق
أشتات
ديل ناس الشرف
ناصل
وناس أصل الخجل
مجدوع .
...........
صعاليك البلد
حاكمين
أشراف الوطن
صاغرين
يمرقوا غلابة
للبمبان
وتتكندك
سما أمدرمان
والفراجة
و (المهراجا )
بس لابدين .
...........
سمح والِينا
لما يفور
ولما يثور
علي منصة
ويهز الايد
كمان تجديد
في أصل
( العرضة )
والرقصة
يهيج فينا
وكمان يدينا
كم حصة
عشان كوركنا
من جوعنا
كسرنا الخوفة
والرصة
طلعنا هتفنا
مرقنا دفرنا
زي سيلاً نتر
دفَاق
و بقينا وصرنا
عند الوالي
متآمرين
كمان شماسة
ضد الدِين
وناس عُملا
و( شذاذ آفاق ).
...........
مسكينة يا عشمانة
قالوا تقاطعي
حسه اللحمة
كان حمرا
وكان بيضا
تحاربي طماطمة
حُمرة عين
وتبعدي من البيض
حت ءان بيضة
أو بيضتين
دحين
قبال كلامهم ده
كنتي مقاطعة
اسرائيل
أو الكفار ؟
كنتي بتاكلي
يا عشمانة
ديمة سخينة
أو كافيار ؟!
.........
مسكينة
يا عشمانة
يا حيرانه
جاتك حسه
نار كُربه .
حتي الكهربا
شوف عينيك
سماع اضنيك
جن ضَرَبا
ووقدت نار
كمان قَدَلَت
رافعة النخرة
واتنفَشَت
تقول سد مروي
ءاتْلبّش
بجن حبشي
ونازل ظار
.............
شنو الخلوهو
ما زادوهو ؟
غير نَقَص العُمر
والحيل
شنو السابوهو
ما قطعوهو
كان حتي الوطن
قصوهو
من مليون
صبح كم ميل ؟!!
.........
( وا أسفاك (1)
يا عشمانه
من ناس ديك
و ( وآ أسفاي
من ناس
ديل )
ناس ( المؤمن
الطعّان
والفاحش
واللّعان )
تقول ( القُدوة )
ما كانت
( رسول الله )
ولا المسلم
لسانو تُقَا
وحديثو نبيل .
..........
ديل يا زولة
ما قارين
صِحاف خُلفا
ولا عارفين
منو ( العُمَرين )
ولا دارين
شنو ( الأخلاق )
ووين ( موقع )
شتايم الوالي
عندالله
كان الشعب
شحادين
وكوم عُملا
و ( شذاذ آفاق )
والبهتف
في وش الوالي
كان تَشّاهو
جمر الجوع
أحسن ليهو
( لحس الكوع )
وبكون ( مدفوع )
وزول عولاق
.............
يا عشمانه
( رغم السيف )
ورغم القيد
راية العزّه
ما بتندّلا
تظل مرفوعة
زي رأس
الوقف جبار
ولمس النار
ما رمّش
ولا اتذلاّ
............
وكان ألفين
ورا الأسوار
هناك ثوار
بجيبو التار
ويقولوا ( نعم )
لكلمة ( لا ) .
............
بكره قريبه
يا عشمانه
نتماسك
نقيف في وش
لصوص الدين
ربيعنا العربي
ما مخنوق
ولا مسروق
ولا تلجين
ولا تلحين
ربيعنا العربي
من ابداع
شباب مغبون
حمم طالع
جحيم فارع
من بركان
غضب مجنون
..........
نشوف بكره
منو البلحس
عديل الكوع
ومنو الواقف
وراس مرفوع
..........
منو الشعب
الهتف طالع
ملا الآفاق
منو الخايين
منو الخايبين
ومعروفين
( شذاذ آفاق )

Admin
Admin


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف الرشيد شمس الدين عبدالله السبت 11 أغسطس 2012, 17:50

وهذا بابكر سلك فى شماراته المعتادة لوالى الخرتوم عن ناس البحر ...

___________________________________________________
نجي لشمارات والي الخرتوم

* كان شفت يا والينا اتنين بتاعين بحر

* واحد قال للتاني وائل كافوري ده غناي شديد

* التاني قال ليهو غني ليك ولا شنو !!!!

* الاول قال ابدا ما غني لي هو الزيي ده بغني ليهو وائل كافوري ؟؟؟ لكن سمعتو في الاذاعه

* التاني قال ليهو هو من وين وائل كافوري ده ؟؟؟

* الاول قال ليهو والله ماعارفو لكن من كافوري بكون من حوش بانقا

* وكان شفت يا والينا

* رمضان حايفرق علينا

* الناس كلها متمنيه رمضان ما ينتهي

* آمنوا

* حا نرجع تاني لتلاته وجبات يا والينا !!!!

* كيف بس ؟؟؟

* وكان شفت يا والينا قلنا لي اولادنا بعد العيد ستوت طوالي

* وبعد الستوت اتنين وخميس لي رمضان الجاي

* وبعد الاتنين والخميس سبت وتلات تتطوع

* وبعد السبت والتلات احد وجمعه لي وجه الله

* والاربعاء عقاب شهر

* نصوم السنه كلها

* اخير من فطور مانقدر عليهو

* صيام مضمون يا والينا ولا فطور مجهجه

سلك كهربا

ننساك كيف والصيام حايبقي سنه في السنه !!!!!

والي لقاء

سلك
الرشيد شمس الدين عبدالله
الرشيد شمس الدين عبدالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف الرشيد شمس الدين عبدالله الخميس 27 سبتمبر 2012, 18:12

وهذا الخال العزيز عبد الباسط سبدرات - بعيدا عن السياسة - فى الحلقة الاولى من نعيه لشاعر البحر القديم - مصطفى سند حول اخر قصائده قبل ان يصرعه المرض اللعين .... فاليكموها :-
-------------------------------------------

تقليب في صفحات العمر (2)
23/09/2012 13:45:00
حجم الخط:
إنها بردة الميامن..
صديقي الحميم "مصطفى سند".. صديق أبعده عنّي الموت، ولم يستطع أن يبعد همسه في أذني، وأنا أناغي ليلاً (البحر القديم)، صوته لا يزال يهدر هدير النوق.. عزل هو في قصيدة ما - (واعزل هجينك عن حُداة النوق) - عزل صوتها عن إذن الكون ليسمعها هو وحده.. "مصطفى" صاحب القلب الحرير الذي لم يحقد يوماً على كائن.. ولم يقل إلا خيراً وخيراً باسطاً..
عرفته منذ عقود وشربت حتى ارتويت من نبع (البحر  القديم) الذي هو مُوجه وطميه وشاطئه وأصدافه الصقيلة اللؤلؤ..
ودون مقدمات.. بغتة.. إذا بمرض عضال يشل حركته، ويطفئ ذلك البريق الأخاذ عن وجهه القمر.. وإذا نحن نقرأ تقرير الطبيب الذي يشخّص ورماً فاحشاً في أحشائه، ويكسر القافية في دواوين الشعر..!!
ثم إذا بنا نرى الحزن على كل موج.. والأسى في كل شاطئ والخوف من فتك المرض يشل قدرة الأمل في أن يورّق في قافية تزف العافية لبيت الشعر!!
ثم سافر "مصطفى" مستشفياً في السعودية.. وهناك رأي بعينيه الهول من ويلات ذلك المرض اللعين.. كان المرض قد استفحل لدرجة فادحة الخطب.. وأجرى جراحة أخذت كل شيء في البطن!! ثم تعقب الجراحة جُرعات من دواء لعين.. (الكيميائي) .. وحسبك هولاً أن تقرأ الاسم (العلاج بالكيميائي).. وكأنه يصف الموت علاجاً من موت..
استسلم صديقي "مصطفى" للأمر.. وبدأ (الكيميائي) يفعل فعله المخيف.. و"مصطفى" وهو تحت ذلك القصف المخيف.. يكتب شعراً.. فيه طعم الموت القادم.. وكأنه "مالك بن الريب" يستجيث البواكيا..
نسيت أن أقول حادثتين بيني وبين صديقي "سند"، الأولى إني كتبت قصيدة (نحاس القرية القديم) ونشرتها إحدى الصحف.. وقرأها "سند"، وهو لا يجامل في الشعر.. ويعرف جيّده ويحسن القراءة فيه.
هاتفني صباحاً وهو يقرأ  القصيدة.. وحين يقرأ "مصطفى" الشعر يكتسي الشعر الرواء والخضرة والصحة الأكيدة!!
قرأ قصيدتي ولأول مرة أعرف إني أملك (ملحاً) خاصاً بطعم شوق البحر لليل، وبذلك تعمّدت لأول مرة شاعراً.. ولهذا سترى في القصيدة إشارة لهذه القصيدة:
(يا برزخ الشعراء دق نحاس قَريتك القديم..
يناصف العز المعانّد أن يَرُف
على المعاقل والحصون)..
والحادثة الثانية.. إني أهديت صديقي "مصطفى" (شالاً) مقصّب الأطراف بحرير ساطع الملمس.. بَهيُّ الألوان.. فيه زرقة البَحر.. وغَزل الجزر والمد في رموش الموج.. هذا (الشال) لا يستحقه كتف إلا عارضي صديقي "سند".. عندها فقط يكون مسمى (شال) قد تحقق وانطبق مع الاسم والوصف والتوكيد..
فرح صديقي بذلك (الشال) أيما فرح.. كأني أعطيته وثيقة امتلاك كل الأنهار في الكون.. وظل يذكر ذاك، ثم ها هو قد ضمن (الشال) القصيدة الأخيرة..
(أهلاً بمقدمك الأنيق.. و(شالك)
المنسوج..
من حبر الأصيل)..
ثم إني نسيت كم طرب هو في مساء ما ونحن نسمع أغنية (رجعنالك)، وقد علا فيها الشوق (لوطن القماري)، فإذا هو يخاطبني في القصيدة:
في حضرة الشعراء.. كيف صدى المقاطع أرّق
الدنيا..
وأقلق سادنيك.. وقد أظلك في مساك
العابرون
فمتى تقدم (للبلابل) حزمة أخرى بطاقة
جانحيك
وهل رفعت كما دعاك الساهرون..
لنهتف أن (رجعنالك)..
وتأتلق المدامع في العيون)..
لقد نسيت أيضاً أن أقول في مقدمة هذا المقال:
إن صديقي "مصطفى" كان بعد ذلك العلاج المُرّ يقضي فترة نقاهة في مدينة (أبها)، ولأن أهل السودان أوفياء، ولأنهم يخافون أن تفوتهم فرصة تكريم لـ"مصطفى سند"، وهو بينهم، فقد أقاموا احتفالاً كبيراً تكريماً له.. ومصطفى يعلم أنه احتفال تأبين يستتر خلف أيام قرُب فيها غُروب مؤكد..
وخاطبوني (بالموبايل) في ذلك المساء لأقول كلمة في حق صديقي "سند".. وتحدثت، وأنا أعرف ما تُخبئ الأيام، وقُلت ما يستحق من قول حقيق..
ولأن "مصطفى" يعرف مودتي.. فقد أرسل لي قصيدة (إنها بُردة الميامين)، ثم إنه أيضاً أرسلها لصحيفة (آخر لحظة) التي نشرتها 14 / 12/ 2007م.
 نسيت أن أقول إني لم أتكلم في مأتم الفقيد.. فقد أصابني ما أصاب "زكريا" يوم خرج من المحراب يكلم الناس إلا رمزاً.. حبس الحُزن صوتي وأطلق غزيراً دمعي..
وربما لا يعرف القارئ انه قال في الإهداء:
(إهداء الأخ الحبيب "عبد الباسط سبدرات"
لئن صح ما قلته عني عبر مداخلتك الهاتفية العظيمة.. يوم احتفل أبناء الجالية السودانية في مدينتي "أبها" و"خميس مشيط" بشفائي، فإنني سأتطاول زهواً حتى أتربع على قمة القمم من مرتفعات "عسير" الخرافية.. لك ودي وامتناني وعرفاني يا صاحب نحاس القرية القديم)..
وبعد..
بدأتُ تقليب الأوراق ووجدت أوراقاً (كنزاً) وأوراقاً ثروة وأورقاً تحسن استقبالها (سلة النفايات).. من هذه الأوراق النفيسة هذه القصيدة:
مَيامِن في مدارات الأسى والصدق دَارت عَلَى
ساق الشكوك
مَيامِن في مَيامِن.. بل.. ولكنّ الملوك
رفعوا شعارك.. فاحتمل وَرَم المياسر واسترح
حتى يريحك قانصوك
واستسقِهم
فلربما عادوا إلى الأحقاف يحتسبون قافية الميامن
في مزاد البرّ والحِزّم الثقيلة والصُكوك
من آخر الطرق التي كانت تحاذر أن تمُر حِذَا المساعِي
الساجدات على أفاريز البنوك..
ترقي لمن برّ النواجب سَدرة التوصيف تَستقِي
ضَراعات الجَفاف
أسف الميامن؟
لا ولكن البروق توسّدت (مقل) النّمال السالكات
هُدى البصائر في العتامير العِجاف
حدّد سؤالك هل هُموا أوفُوا..؟
بلى أوفُوا.. على جهد المصيبة واحتدامات
الجَفاف
مالَوا به القنديل.. لكن أعلّن القنديل موقفه القديم
وصبره المأزوم كي لا تُؤرق  النبضات
في وِرد الخلاص
مِيمُ وقَاف..
مِيم.. ولامُ حُرةّ التوصيف تستعلي عل كل الصحاف
أنا.. لا أخاف
من غرفة التخدير.. أو أن أفقد الشكوى.. فلا
شكوى
بغير لهيبنا ودموعنا الحري.. ولا دفء العِنّاق..؟
فإلى متى أرضي وأقبل أن أساق..؟
وعيوني التعبى تبارك صِدقهم.. ومشارط التنعيم
والهول الرهيب..؟ فيا دَمي جَلجل وأنت تَهدُر
في الشرايين العِتّاق
و"خديجة" انفلتت تصارع بينهم
"بابا"..
ولكن الرفاق
أكلوا جناي.. ودَارت السُحب الكئيبة يا رضاي
بصدمة الإغماء.. ثم بهمسهم: مهلاً.. أفاق
وَرَم على وَرَم الكلام.. فكيف للوَرِم المُراوِّغ
أن يحس وان يُطاق
مَا جاد غَير فجيعة الشك اليقين
وسطوة (الكيمو) وأوردة اليّدين تلّونت
بالأسود الغسقي والبُّور الجهيمة
والتلاحُق والكُمون
وَرَم ظنون
وَرَم شُجون
ورم يكون
ورم جُنون
يا سيدي (الكيمو) سألتك بالذي فطّر التوازن هل
لأورامي
البهيّة من حضور أو مُقَام
أم هَل لها أيضاً عيون...
القصيدة مليئة الضرع.. أتوقف عند هذه الضراعة الشجاعة، وهذه المناجاة:
(يا سيدي "الكيمو" سألتك بالذي فطر التوازن هل...
لأورامي
البهيمة من حضور أو مقام
أم هل لها أيضاً عيون..)
أنظر لتعامله مع الوَرَم غير الحميد فيسميه (أورام بهيّة) ثم كيف يناجي الكيمائي، بغزل وتذليل (يا سيدي الكيمو)... ثم كيف أنه وَرَم شُجون، وَرَم جُنون، وَرَم ظنون.. وَرَم يكون..
"مصطفى سند" هو "مالك بن الريب" في زماننا هذا.. سجّل لنا تراجيديا..
هي أقرب إلى (بيّنة محتضر)، كما نقول معشر أهل القانون..
هذه القصيدة التي عمدني فيها شيخي "مصطفى سند" شاعراً وأهدانِيّها..
هي قلادة شرف.. سأواصل رصد بقية القصيدة فى حلقة قادمة


الرشيد شمس الدين عبدالله
الرشيد شمس الدين عبدالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف الرشيد شمس الدين عبدالله الخميس 27 سبتمبر 2012, 18:18

وهذه الحلقة الاخيرة لعبد الباسط سبدرات حول القصيدة الاخيرة لمصطفى سند قبل ان يغيبه الموت الفاجع..
فهى فى تقديرى جهد يستحق القراءة عسى ان يقوى فينا بعض معانى الوفاء .. رحم الله صاحب البحر القديم فقد فقدنا شاعرا فحلا ...
---------------------------------------

الرئيسية | الاعمدة | سبدرات |
"سند" والقصيدة الأخيرة

وقفت في مقالي السابق عند تلك الضراعة الواثقة القبول لسيدي (الكيمو) الذي لم يستطع أن يزن بميزان الوخز في ذلك الورم.. وقصدت قصداً بائناً بينونة كبرى أن أفصل بين ضفتي القصيدة فأجعل كل الضفة الشرقية تغسل ورم صديقي.. والأخرى ترطب شفة الضفة الأخرى بماء الشجن الذي ينساب عذباً من غيث أخي "سند" ليصب في أرضي الجزر العطشى لماء مبارك تتشقق به صخور البعد والفراق فيهبط من شواهق جبال "عسير" عليَّ وعلى أهل السودان جميعاً.
يقول صديقي "سند" وقد استعاد كل عافية بقيت:
(ويطل من سقف المدينة صوتُك الألق البهيج
على المدى الكوني يهمسُ: يا .. سلام
هل غابتِ الفتن الشكوك..؟ وهل رفيق الحُزن..
أسبل مقلتيه على اقتحام الكوَّة العليا
وأطرقَ.. ثم نام..؟
ما أطيبَ النفَس المراود بيت صدرك
حين نبحر في براءات السكون
الآن.. أنت كما سريت على
البرازخ والحجون
في أول الفتحِ البعيد
غمامة تلهو على شبّاكها النائي
وقد رحل الغمام..
ويطل صوتُك مرةً أخرى.. وتضحكُ: يا سلام..
آهٍ على صدري وأوجاعي.. أحاول أن أجيبك: يا.. سلام)
لنقف هنا.. وأنظر كيف جعل الشاعر مني حديقة وبيتاً ووطناً..
(وهل رفيق الحزن..
أسبل مقلتيه على اقتحام الكوة العليا
وأطرق ثم نام)؟
لا.. يا صديقي.. أيها البحر الإنسان، أنا رفيقُ حزنك وشكايتك ووخز الكيميائي فيك، لم أسبل جفناً في نوم إلا النوم الخزاز، فأنت بؤبؤ عيوننا.. بك رأينا زرقةَ ماء الأزرق رغم "عكر" الفيضان وأنت أنس أماسينا، ثم أنت "فكة الريق" لنا كل ضحى..
وما تزال الغمامةُ تلهو على نوافذ الأشجار وتوقد في منتصف الليل الخيط الأول من فجر الغد.. حين تراك تغزل بنَوْل الشعر أقمصة الحرير لحرائر السودان!! لن تحول تلك الأوجاع أن تصد عن أذني ذلك الهمس الجهير..
آه يا صديقي تعطيني أكثر مما استحق حين تقول:
(يا برزخَ الشعرِ دق نحاس قريتك القديم..
يناصف العز المعاند أن يرق
على المعاقل والحصون..
ويرقّ حين يرقّ سهلُ عيونك التعبى
وينفلت الزمام
فيصوغُ حزنكِ بُردةً كبرى ويستلم الكلام)..
أنت "بُصيرى" من أهل السودان يصوغ بُردة الوجع الدفين.. وشعرك يقرع كل نحاس تليد.. ناح وبكى يستجيش "هيعة الميتة أم رماداً شح" وكأن كريمة "المك النمر" تحزمت بحبلٍ من سعف نخلِ "عسير" وامتشقت سيف "علي" في يوم خيبر، ثم أنت حسان وقد عانق أبا الطيب يدخل "قتام في قتام"..
ثم أنا وأنت بعيد مثل فرس أبي الطيب
فأطلق لا يطال له فيرعى.. ولا هو في العليق ولا اللجام..
أنت تصوغ البردة الكبرى وتستلم الكلام!!
ثم يتدفق نهر البردة عذباً بارداً مليئاً بالري والسقيا..
وأقلق سادنيك.. وقد أظلك في مساك
العابرون..؟
فمتى تُقدِّم للبلابل حزمةً أخرى بطاقةِ
جانحيك..
وهل رجعت كما دعاك الساهرون
لنهتف أن "رجعنالك"
وتأتلق المدامعُ في العيون
{ كنت أنت - يا صديق الخير والرضا والإلفة - الظل المديد الذي امتد كما الأبد لا يقلقه مجييء ضحى.. ولا يخاف للشمس انتصافاً أو زوالاً..أنت وأنت الآن تعطي "البلابل" قلادة الغناء النظيف.. ثم ها أنت تعطي "رجعنالك" شهادة أن تغسل عن الناس وحشة غيابك.. فيعود سمنُ الشجن لضرع الغزلان الحزينة.. ويأتلق القمر بكراً في وطن القماري.. ثم ها أنت تفتأ تذكر "شالا" وتشرفه أن يكون حول عنقك فتقول بليغاً ومفصحاً:
(أهلاً بمقدمك الأنيق.. وشالُك
المنسوجُ
من حبرِ الأصيل
إني رأيتُك.. هل تراني.. كيف صادفت الهوان؟
منافحاً عن طاقة الجسد الهزيل..؟
وأخذت منك مبادرات الوُدِّ.. ثم صرخت يا وطني أحبُّك
أنت قد أنجيت، إني لا أحس الآن..
داء.. لا وشاعرك الجميل
مازال يحتقبُ الوفاءَ منافحاً عنا
ويصعدُ في مراقي المستحيل..
"مُقَل" تلاحق برقَها البدويَّ ينبضُ
في الميامنِ والمياسر.. آهِ يا مُقلَ البراءةِ..
آه يا دوَّامة الورمِ النبيل
ورمٌ تحكَّر في الصباح.. ونام على الظهيرةِ
واستفاقَ مع الأصيل..
ثم ودَّع في المساءِ، وسافر حين أشرقَ صوتُك الحضري
ليهدر في المسافاتِ المهولةِ والجبالِ الشاهقاتْ
يا سبدراتْ!!
يا صديقي.. سبدرات حين خاطبك ذاك المساء لم يكن شخصاً فرداً.. كنت يومها قبيلة الشعراء كلها.. قبيلة "البحر القديم" بكل طمي ذاك النهر الصبور. كنت أراك من خلال الموبايل وأرى - وا حزني - كيف هدَّ المرضُ عافيتك الباذخة الرحيبة الوسم.. ولقد شخصت بالشعر حيثيات الحالة..
آه يا دوامة الورم النبيل.. لم يكن نبيلاً في وجعه ولا.. طريقة علاجه.. ولكنك لا تعرف الأوصاف ذات المخالب.. فأسبغت "النُبل" على خبيث "الورم"، وآه من لؤم ورمٍ مقيم لا يكاد يفتر وخزه وهتكه للأحشاء وبتر اتصال العصب الحساس الدقيق.. آه منه ومن ورم تحكر، في الصباح ونام كاذباً في الظهيرة واستفاق مع الأصيل.. فمتى تنام أنت صديقي!!؟
 يناديني صديقي وهو يقترف من نهر الموت غرفة أخيرة..
(.. يا سبدرات..
هذا حضورُكَ في معارجَ من خيوطِ المسرجاتْ
يُضفي على "أبها" نضارتَها ويعلنُ جازماً أن لا ميامن ولا مياسر
بل هو البرءُ الأخير.. هو الشفاءُ.. هو الثباتُ.. هو النباتْ
أهلاً.. فإنَّ حلوقَنا ارتدت حلاوتها ندى
وتَوضَّحَ الوهجُ القديمُ وأورق الإمحال
وأرتدت رؤى الأرنان، ثم توحَّدَ اللحنُ..
الصبي كما يهلُّ الخيلُ مندفعاً.. وتصهلُ
بعدما سكتت بخاطرها شموسُ الأغنياتْ
يا سبدراتْ..
إنَّ الميامن في شفاهِ الأولياءِ فريدةُ البردات ست المفردات
يشدو بها الأحبابُ والخلصاءُ حين غصونها ورقُ الحياة يدرُّ يخصبُ في حقول المعجزات).
أنظر كيف تحول الموبايل لشاشة سينما ذات عدة أبعاد.. يناديني وكأني على يمين كرسيه (يا سبدرات..
هذا حضورُك في معارجَ من خيوطِ المسرجات
يضفي على "أبها" نضارتَها ويعلن حازماً أن لا ميامن ولا مياسر
بل هو البرء الأخير.. هو الشفاء.. هو الثباتُ هو النباتْ)..
ليت كان حديثي إليك برءاً من ورم جنون وليتني - صديقي - أفديك بكبدي وبؤبؤ عيني.. لا شالاً أهديت فرشح محبةً فيك وبك.
أجيب النداءَ بضراعةِ من يعرف أنك تحتاجها، ومِن من لو أقسم على الله لأبرَّه الله.. فكيف بي وأنا قليل الحيلة في ذاك..
كيف بغيرك يتوحد اللحن الصبي.. وقد سلب الورم شرخ الصبا، وأوقف الصهيل الجليل الطويل البحر والقافية.. في هذه البردة المتشحة بهذا الرجاء.. أخي.. بك وبفقدك سكنت في كل الخواطر شموس الأغنيات وضمر فيها الشجنُ والإشراق.. تناديني وأنت قد وضعت قدمك اليمنى في بداية العتبة الأولى من برزخ يفصل بين قدمين.. أولى سبقت وأخرى تريد اللحاق بأختها..
يا صديقي إن هذه "البُردة" التي تكسو بها شخصي.. هي من قماش فضلك ورقيق مشاعرك وحسن ظنك بي وفيَّ..
حين قرأتها شممت وقع أقدام الموت.. فللموت رائحة بطعم الحمى وطعم سلب القدرة في الشهيق ونعاس الزفير.. أحسست بكيف يخفت رويداً رويداً ذاك البريق عميق الضوء في عينين شرب المساء طويلاً حلو بريقها وتمددنا على ضوء قمرها سنوات.. فإذا بخسوف كثيف وإذا بكسوف توأم له يصير ابناً لزمان يغيب فيه موج البحر القديم..
هذه البردة هي آخر ما قويت عليه كفك المرهق بوخز إبر "الكيمو" أن تمسك فيه قلماً ليكتب وصية "مالك بن الريب" بغير ما قصد مالك في استجاشة البواكي من نساء بيته وعترته..
هم ينوحون وأنا ثاكل.. وليست النائحة مثل الثاكلة!!
وأنت ترجو برءاً .. يجييء عبر موبايل.. ورسالة s.m.s . فيها ذكر الآية الحادية عشرة من سورة السجدة.
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ). صدق الله العظيم. فقد نفذ ملك الموت كل مفردات التوكيل..



الرشيد شمس الدين عبدالله
الرشيد شمس الدين عبدالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف خالد عبدالحميد الثلاثاء 02 أكتوبر 2012, 10:21

قرأت هذا بتمعّن ولا يجوز حتى التعليق
اسمان وما يفوق الابداع ثالثهما، وتزيد ظلال الموت على المشهد هذا الجلال الذى يستوجب الصمت

شكرا الرشيد
والعزاء للاستاذ سبدرات
وأن إرحم اللهم مصطفى سند
خالد عبدالحميد
خالد عبدالحميد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف الرشيد شمس الدين عبدالله الخميس 04 أكتوبر 2012, 05:12

وافر الشكر على أناقة المرور حبيبنا خالد ابو صبا.... انقل هنا المقال الاخير لعبد الباسط سبدرات بعيدا عن السياسة وهو عن قصيدته ( اتكاءة على حد السكاكين ) فى رثاء خالنا الشهيد معاوية سبدرات فى احداث ودنوباوي مارس 1970 ... له الرحمة والمغفرة ... أغادر غداً الى الوطن الحبيب وآمل ان أتمكن من التواصل معكم من هناك ان سمحت ظروف السودان المعروفة ..... وداعا والى لقاء احبتى ان مد الله فى الآجال .. والان الى مقال عبد الباسط بعنوان ( وتاه الفجر عن المآذن ):-وتاه الفَجر عن المآذن
30/09/2012 14:24:00

الشمس كانت خائفة..
خطى الصباح ذلك الصباح أضحت راجفة
الفجر ذلك الصباح تاه عن مآذن القرى
الشمس كانت خائفة.. الدمع في أحداقها جداولاً جرى
تبكي على أجنّة سيولدون ميتين
مقتولين بالحراب.. بالمدى
ومتخمين لوعة.. أسى..
مآذن المساجد ترُش موتاً أحمراً على المصلين
تموت ألف آية على شفاه من يرتلون..
ما عدت يا محراب آمناً..
غدرت بي.. طعنتني في الظهر إذ أتيت يا محراب
آمناً مصلياً..
{ هل أفصحت هذه الأبيات عن شيء لك - أيها القارئ الكريم - ربما ترى أنها مناحة ارتجلتها أم مفجوعة في بنت وولد ماتا في (حادث حركة)، فالأبيات تتحدث عن موت تُطلقه مئذنة وغدر يأتي من محراب..
هذه الأبيات هي مفتتح قصيدتي (اتكاءة على حد السكين)، ولك أن تتصور أن تغفو ولو للحظة على حافة سكين، وهي (مخدة) وسرير العنق.. وحقاً كانت تلك السكين (السنينة) قد ذبحت عنقي.. في ذلك الصباح..
الصباح كان في 29 مارس 1970م .. لا أذكر تحديداً كيف استيقظت ذلك الصباح، ولكني أذكر أن الوقت كان فجراً.. وأن الخرطوم متوترة الأجواء.. والصراع بين حكومة الرئيس "نميري" وإمام الأنصار السيد الإمام "الهادي المهدي"، رحمه الله، قد استعر جمراً.. وهو ما سُمي سياسياً بقضية (الجزيرة أبا).. وهناك حالة طوارئ مكتومة الإعلان، ولكنها قائمة بكل معنى كلمة الطوارئ.. كنت يومها وقد تخرجت في الجامعة وبدأت مرحلة التمرين في سلك المحاماة.. ثم أصبحت سكرتيراً في مكتب وزير الداخلية الرائد "فاروق عثمان حمد الله".. وقد بدأت العمل لشهور ثلاثة..
أذكر تماماً أني في ذلك الصباح لم أر شقيقي الملازم ثان "معاوية سبدرات".. غير أني أذكر تماماً أني وهو كنّا معاً في الليلة الماضية، قد ذهبنا لمأتم قريبة لنا بجبل أولياء.. وعدنا لمنزلنا بحي البوستة أم درمان، هو ذهب تلك الليلة لسلاح المهندسين؛ لأن هناك حالة استنفار، ويقتضي ذلك أن يقضي الليل ساهراً هناك..
خرجت من المنزل دون أن أتناول شيئاً.. كان حلقي جافاً مثل (لوح الزنك)، ولساني مثل حلقي.. وصدري مُنقبض لدرجة بداية الذبحة، وعيوني لا ترى في ذلك الصباح صباحاً.. حالة من الإرباك والارتباك والحزن المكتوم والتحديق في اللاشيء.
وصلت مكتب وزير الداخلية حوالي .. ربما قبل السابعة بقليل.. الشرطة تملأ كل مكان.. حالة وجوم شديدة على الأوجه.. بعضهم تجمع حول (راديو) على منضدة الاستقبال.
دخلت المكتب ولم ألحظ أنهم جميعاً كانوا ينتظرون حضوري!! لم ألحظ الدمع المكتوم على أجفانهم.. لم ألحظ الارتباك الذي جثم على شفاههم، فكسر فيها القدرة على انفراج في الجباه أو مشروع كلام.. كنت مثل المحكوم عليه بالإعدام، وقد علقوا أنشوطة الحبل بعنقه، كنت مخدراً تماماً لدرجة الإغماءة العميقة.
جلست على مقعدي وحدقت في الذين في المكتب.. سألت بصوت مخنوق عن ماذا يحدث وماذا حدث ليل أمس!! لم أكن أعرف أن في هذا الصباح قد حدث فعل جلل..
تطوع أحدهم وناولني ورقة فيها عدد من الأسماء.. وقال وكأنه لا يريد أن يقول .. (ديل الشهداء الذين قُتلوا هذا الصباح في "ودنوباوي") لم أسمع الجزء الأخير من حديثه.
الورقة تقول رُتبة الشخص.. مقدم فلان.. رائد.. ملازم فلان، الورقة كانت دافئة جداً أقرب إلى أن تكون ورقة مُحمّرة (أو مسلوقة) عافت أصابعي ملمسها الخشن الجاد.
بدأت بالمقدم "محمد الحسن جنكيز".. قرأت اسمه وشعرت بوخزة في الأُذين الأيمن من القلب.. سالت دمعة شقّت وجهي نصفين.. وجثم الحزن على رقبتي لدرجة الاختناق.
بدأت أقرأ الأسماء.. أقرأ كل اسم واسأل عنه!! ثم قرأت ملازم "معاوية صالح سبدرات".. لم أستوعب الاسم.. تجاهلته، و(رُحت) أبكي على الاسم الذي بعده.. ثم أعيد القراءة من جديد.. يأتي اسم ملازم "معاوية صالح سبدرات".. لم أنتبه لهذا الاسم ولم أعرف من هو!! الجميع في المكتب كانوا في دهشة بالغة.. كيف لا أتعرّف على شقيقي القتيل.. وكلهم يخاف تنبيهي.. لأستوعب الأمر.. ولم يجرؤ أحد أن يقول لي (انتبه!!).
أصبحت الساعة الحادية عشرة صباحاً.. الورقة أمامي مُسجّاة كجثمان لا أهل له.. حالة (البَنْج) التي تقمصتني مستمرة.. وليس بين الحاضرين من يملك أن (يُفوِّقني) من هذا التخدير كثيف الجرعة..
فجأة صَرخ (تلفون) كان على الجانب الأيمن من المكتب.. تلفون أسود اللون ضخم الجثة متحشرج الرنين.. رفعت السماعة.. السماعة كأنها عُود طلح أشعلت فيه النار كل ضراوتها وشهيقها وتغيظها.. رفعت السماعة عن صدر التلفون.. (ألو.. نعم مكتب وزير الداخلية؟ "سبدرات"؟ نعم .. كيفك؟.. الحمد لله.. لكن "جنكيز" استشهد ومعه.. و.. و.. ملازم "معاوية صالح سبدرات".. و.. و...) بدأت أسرد الأسماء وهو يستمع.. المتحدث كان السيد "مصطفى عوض الله" شقيق مولانا "بابكر عوض الله".. فجأة وبعد برهة صمت من "مصطفى" سألني: (معاوية دا .. يا عبد الباسط....) لم أسمع بقية السؤال..
وقع اسم "معاوية" في أذني مثل صاروخ (توم هوك).. وقفت.. وقف كل الذين بالمكتب وهرولوا حولي.. الفاتحة.. الفاتحة.. الفاتحة.. يدي تتنقّل بين أيديهم كقطعة خشب.. ولا أسمع من كلمة الفاتحة إلا (تِحة) عانقني أحد الضباط أظنه "عبد الغفار نميري"، بل مؤكد أنه هو..
وجدت نفسي أخرج من عربة وأدخل مشرحة بالسلاح الطبي، جثث الشهداء على أرض المشرحة.. دم يغرق في دم.. الموت بشع القسمات والجراح.. ملابسهم العسكرية مليئة بالطعنات.. عيونهم مُغمضة بإصرار من يريد أن يموت وقد نطق الشهادتين.
بحثت بين الشهداء عن "معاوية".. وجوههم جميعاً رأيتها وجهاً واحداً.. لم أفرق بينه وزميله الملازم.. نسيت اسمه.. الآن.. جاء (صول) وأمسك يدي وأرشدني لجثمان شقيقي.. رأيته.. لمسته..
(دمُه كان دافئاً كجسد العروس..
دمُه صار بارداً مثل برودة النصل إذ يغوص
في الأحشاء..
دمُه قال للشريان لا..
أنا حليب الأرض يا شريان لا..)
{ كان مشهده رهيباً ذكرني فعل وحشيّ مع "حمزة" الشهيد يوم أحد..
(أنا حملته حملت ألف فأس ألف سكين وآه..
ضممته فضمّني معانقاً بكل سكين على ضلوعه..
ظهره كان غابة من الجراح..
صدره بحر دم.. وحليب ونواح
جراحُه تكفي لعشرين فتى
لكنه على حد السكاكين، اتكأ وما وقع..
قبلته فردّ قُبلتي بقبلة مفاجئة.. كالموت
حين فجأة يجيء من وراء الظهر من وراء
وحين فجأة يغوص ألف نصل دونما استئذان
في الأحشاء..)
يد (الصول) القوية (جرتني) وأخرجتني من المشرحة.. كأنه أحس أن جثث الشهداء تحرّك فيها النزف من جديد.. يسبب بكائي المقهور بالفجيعة والكارثة..
أدخلني لغرفة.. لأغسل يدي.. هل كان فيها رطل دم علق بها وأنا احتضن الشهيد.. ربما..
ماذا أفعل.. أنا وحيد بين كارثة وكارثة وآزفة وحاقة ومصيبة ووِحْدة.. أهلي هناك ما يزالون في فراش ذلك المأتم الذي ذهبنا لنحضر فيه (دفن) الجنازة.. ثم كيف أنقل إليهم النبأ المهول الوقع.. كان راديو أم درمان وقتها لم يسمع الناس النبأ.. إذن أنا من ينقل النبأ..
دخلت.. وأجلسوني في المقعد الخلفي للعربة.. أحضروا لي ماءً بارداً لمسته فوجدته حاراً ولونه لون دم.. كأني من بني إسرائيل والابتلاء بالدم.. تجرعته ولم يسغني ناهيك أن أسيغه.. ناولوني (ساندوتش).. أنا جائع كفأر في مزرعة قطط.. (حلفوا) يميناً غليظة أن آكل ولو (قضمة) واحدة.. حاولت.. قضمت حجراً من قرانيت (فرساي)..
العربة تقترب من جبل أولياء حيث أهلي هناك لا يعرفون النبأ (السكين).. العربة وصلت قرب مكان (الفراش).. الناس على وشك (رفع المأتم).. رأوني أنزل من العربة.. ظنوا فيّ خيراً.. جاء يحضر رفع فراش عمته.. هكذا التواصل، وهكذا يرث الأبناء مجيد فعل الآباء.. قبل أن أصل تماماً لأقول النبأ الصاعق.. تذكرت كيف أن كثيراً ممن في المكان كانوا قد شهدوا تخريج الملازم "معاوية" قبل أربعة أشهر.. فقط .. وأنا أجيء لأنقل خبر تخريج للدار الآخرة!!
(أذكرُ حفل تخريجي الفتى..
كان في وجهه الفرح الغامر.. الحزن المهيمن.. الرضا
وحينما شاهدتُه يوم على حد السكاكين اتكأ
كان في وجهه الفرح الغامر.. الحزن المهيمن.. الرضا..
كان جميلاً.. أجمل الموتى
أكثرهم جراحاً وحزناً ورضا..
الشمس كانت خائفة
الشمس صارت زاهية
الفجر عانق المآذن الجريحة
الفجر في جُرح الشهيد اتكأ)..








الرشيد شمس الدين عبدالله
الرشيد شمس الدين عبدالله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف احمد محمد احمد الخميس 04 أكتوبر 2012, 13:58


سلامات يا الرشيد

اللهم ارحم الشهيد معاوية و تقبله مع الصديقين

حديث يدمي القلب و حزن ساكن مقيم كأنما ما حدث قد حدث البارحة....

الرشيد شمس الدين عبدالله كتب:
وجدت نفسي أخرج من عربة وأدخل مشرحة بالسلاح الطبي، جثث الشهداء على أرض المشرحة.. دم يغرق في دم.. الموت بشع القسمات والجراح.. ملابسهم العسكرية مليئة بالطعنات.. عيونهم مُغمضة بإصرار من يريد أن يموت وقد نطق الشهادتين.


ليه و عشان شنو يروحوا شباب زي ديل ؟؟؟؟

الا لعنة الله علي طالبي السلطة و الجاه بمختلف مسمياتهم و العبائات التي يلبسونها.

ربنا يكتب السلامة و نشوفك بالخرطوم.

مع التحيات للجميع
احمد محمد احمد
احمد محمد احمد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

(بعض من أجمل ما سمعت) - صفحة 8 Empty رد: (بعض من أجمل ما سمعت)

مُساهمة من طرف المهدى عثمان مصطفى الخميس 04 أكتوبر 2012, 17:51

يشهد الله اخي العزيز الرشيد....أذكر تلك الأيام الفجيعة التي هزّت كل البلد، بالرغم من اني كنت طفلا صغيرا.... وتبعتها أيام عديدة كنت اذهب فيها مع الوالدة لزيارة قبر والدتها عليها رحمة الله، للترحم عليها والدعاء لها حيث ترقد في مقابر جبل اولياء ـــــ ديم البساطاب
في الركن الجنوبي الغربي من المقابر بالقرب من (المظلة)...على بعد أمتار قليلة من قبر المرحوم الشهيد معاوية صالح سبدارات نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يسكنه في فسيح جناته...وكنت كثيرا ما أقف بالقرب من قبره...لا ادري قد يكون لوجود دعامات تحمي القبر من السيول والامطار لا يوجد مثيل لها في كل المقابر إلا قبر المرحوم حاج ادريس نقد في الناحية الغربية من المقابر... أسأل الله له الرحمة والمغفرة .
أسأل المولي عز وجل أن يزيح عنكم وكل أهله ومحبيه الحزن والأسى...وان يسكنه اعلى جناته.
التحية لك أخي الرشيد موصولة للوالد المحترم الأستاذ عبد الباسط سبدارات اطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية وهو يزين صفحات صحيفة المجهر بمفردات أدبية رائعة.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
مهدي شلكاوي
المهدى عثمان مصطفى
المهدى عثمان مصطفى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 8 من اصل 10 الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى