في قيادة المرأة للسيارة...

وأنا في صغري شاهدت المرأة تقود السيارة ، وأذكر جيداً تلك المرأة ذات الشلوخ التي كانت تقود سيارتها بكل إقتدار ، وأيضاً لا أنسى كيف ارتسمت الجدية والوقار على وجهها ، حينها إلتفت إلى من بجواري متحدثاً إليه بنظراتي فقط وطالباً منه تفسير هذه الصورة التي صعب على فهمها. أجابني بضحكة فيها تهكم مما رأيناه سويا ، واكتفى بتلك الضحكة المتهكمة ولم يعر نظراتي المتسائلة وطفولتى المشرئبة إلى المعرفة كثير إهتمام.

بقيت صورة تلك المرأة ذات الشلوخ والتي كانت تقود السيارة والجدية تكسو ملامح وجهها في ذاكرتي حتى يوم الله هذا ، وبقي الدرس الذي أعطته لي هذه المرأة لا نهاية له ، أتعلم منه ما امتدت حياتي وطالت. علمتني تلك المرأة في ثوان معدودة أن الحكم على الأشياء بمظهرها ما هو إلا ضرب من التسرع وعدم الروية ، علمتني تلك المرأة أن من نحبهم ليسوا ملائكة معصومة من الخطأ ، وإنما يجب علينا محبتهم بما يعتريهم من نقص ، علمتني تلك المرأة أن الخطأ هو إضرارك بذاتك خوفاً من الناس ، والصواب هو الوثوق بالله وبذاتك وعدم الإهتمام بما يقوله الناس.

علمتني تلك المرأة أن أخطاء الآباء والأمهات في حق أبنائهم يمكن تجاوزها بالغفران لهم والمضي قدما في الحياة ، علمتني تلك المرأة أن الضعف ليس منوط بالجسد وإنما هى الإرادة والعزيمة ، علمتني تلك المرأة ألا أحترم المرأة فقط لأنها تجيد قيادة السيارة ، ولكن العقل هو الألذ والأخلب.

ودمتم في أمان الله....